قاسم س. قاسم
ستكون رحلتنا قاسية لا حدود للمنطق فيها ولا للعقل. سيكون الجنون حافزنا.
ما رأيك أن نذهب إلى الجليل؟ إلى جذورك الأصلية، ليمون يافا يا صديقي ينتظرنا لنعصره ونخلطه مع الفودكا، هكذا يصبح المذاق ألذّ.
ماذا لو ذهبنا إلى دير حنا لنرى حال الزيتون؟
ربّما، من الأفضل أن نغفو قليلاً على الأرض لنرى لأول مرة سماء فلسطين.
الآن ستقول إنني مجنون. فأنا ما زلت أعتقد أنني سوف أرى فلسطين حرة، وما زلت أعتقد أنني قد أذهب وأزور قبر أبي...
ولكن قل لي، أليست الأحلام أفضل من وطن على الحائط ينزف، أطّرته في كادر فخم جداً... وضعته على قطعة مخمل وكنت أنفض الغبار عنه من حين إلى حين؟
مريم العذراء في الأعلى، رأسها أقرب إلى السقف، عيسى بين يديها حزين، فوالدته كانت تهرب لاجئة إلى لا أدري أين. في وسط الإطار القدس، قابعة ملامحها. تغيرت قليلاً بسبب إهمالها لفترة طويلة.
هذا هو الكادر الذهبي الذي يضم وطناً نحاسياً على قطعة قماش مخملي أسود على لون أحزانه. إلى جانب الإطار، على الحائط، عُلّقت خريطة بلادي، مسحتُ الغبار عنها... وضعتها بعناية. نزلت لأتأمّلها وتذكّرت: من المفترض أن أكون داخل الإطار لا خارجه.
لقد خسرت الكثير، خسرت الإنتماء والهوية، خسرت الأرض، أمنت بقضية وبإحساس، ولم أؤمن بنفسي ولا بالله أو الملكوت الأعلى أو الأدنى وحتى الأوسط. العالم من حولي يسقط، بالأحرى عالمي ينهار حجراً حجراً..
حلي الوحيد الهرب ومشاهدته ينهار. فهل لا تزال تلومني على أحلامي؟