علي سليممنذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران والدولتان تخوضان صراعاً سياسياً واقتصادياً، حتى إنه كان يقترب من المواجهة العسكرية أحياناً. مواجهة حصلت ولو بشكل غير مباشر، عندما وقفت الإدارة الأميركية إلى جانب النظام العراقي أثناء الحرب العراقية ـــ الإيرانية. وبقي الصراع يتراوح بين عزلة سياسية وعقوبات اقتصادية، إلى أن ظهر إلى العلن مشروع إيران النووي السلمي، الذي تتخذه الولايات المتحدة ذريعة أو ورقة ضغط لتجبر إيران على القبول بالمقترحات الأميركية للحلّ.
ماذا تريد الولايات المتحدة من إيران؟
بالطبع ليس برنامج إيران النووي ما يثير قلق واشنطن، وهي التي تعلم أن إيران تسعى إلى إنتاج الطاقة لا الأسلحة النووية كما تدّعي، وقد ثبت ذلك بعد تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبذلك يصبح البرنامج النووي الإيراني مجرد واجهة للأسباب الحقيقية للصراع بين إيران والولايات المتحدة.
حقيقةً، الأمر يتلخّص بإسرائيل والنفط فقط. هذا ما تريده واشنطن من طهران. فالولايات المتحدة تعلم أن لا خطر على إسرائيل إلا من إيران أو من حلفائها في المنطقة. فالدولة العبرية ليست مجرد حليف استراتيجي للولايات المتحدة، بل هي الثكنة المتقدمة لها في المنطقة. وبالتالي، فإنّ أيّ سقوط لإسرائيل يعني هزيمة كبرى لها، مما يعني انفراط العقد وسقوط الأنظمة المعتدلة بعد إسرائيل. فعندما تسقط الأخيرة، هذا يعني أنّ أنظمة متهالكة ستسقط، وهي القائمة فقط على الدعم الأميركي، فبعد إسرائيل لا حاجة لدعم أحد. أمّا أهم تداعيات سقوط إسرائيل والأنظمة المعتدلة فهي: أولاً قيام أنظمة جديدة قائمة على أسس مختلفة، وبالطبع لن تكون تابعة للولايات المتحدة أو تسير في فلكها، مما يعني فقدانها سيطرتها على المنطقة بشكل مطلق، مما سيؤثر بشكل سلبي حتى على الداخل الأميركي.
ثانياً: فقدان الولايات المتحدة السيطرة على نفط الشرق الأوسط، مما سيوثر بشكل سلبي أو إيجابي على الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي.
ثالثاً: خسارة الولايات المتحدة هيبتها واعتبارها القوة الأولى في العالم، وبالتالي ظهور قوى جديدة تسعى لاحتلال مكانة الولايات المتحدة، وبالطبع في مقدّمتها الاتحاد الأوروبي بسبب الإمكانات الهائلة التي يمتلكها.