عبد الفتاح خطابوأخيراً، طلع الدخان الأبيض من مدخنة قصر بعبدا، بعدما سبق ونفث لسنوات من عيون الناس وآذانها وحناجرها، ممزوجاً بالدماء البريئة التي أريقت بغير وجه حق...
لقد انتظر الناس حكومة إنقاذ بعد هذا الكمّ الهائل المدمّر من التجاذبات والتسويف والتعطيل والتطويل في تأليف الحكومة، ثم تمخّض الجبل فولد فأراً تشخّص بحكومة محاصصة للحقائب الوزارية!
«قوموا تا نهنّي» فقد تألّفت «حكومة السنيورة» بعد طول مخاض، والأحرى بنا أن نطلق عليها «حكومة المخلوطة»، بعدما ضمت في جنباتها خليطاً هجيناً غريباً من وزراء «الممانعة» و«المقاومة» و«الإصلاح» و«السيادة» و«الحقيقة»، ونخبة مختارة من جنود الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وإيران وسوريا والسعودية وقطر!
أجل، إنها حكومة التسوية بأبشع الأساليب وأفدح الأثمان، وهي أبعد ما تكون عن روحية حكومة «الوحدة»، وأبعد ما تكون عن تسمية «الوطنية»، وهذا ليس رأيي بل هو تذكير بالاتهامات التي تبادلتها الأطراف المشاركة، إذ لم يجف بعد حبر بياناتهم وتصريحاتهم، ولم تختف أصداء أحاديثهم ومقابلاتهم في الهواء.
صحتين على قلبكم يا قوى المعارضة والموالاة، ومبروك عليكم تحاصص حقائب الحكومة السيادية والخدماتية ولقب نيابة الرئاسة وغيرها، لكن في المحصّلة، هل ستشيل هذه الحكومة «القصيرة العمر» الزير من البير؟ وهل ستجعل من «البلد والدولة» وطناً نهائياً يُسعد جميع أبنائه، ويحفظ كرامتهم، ويؤمّن لقمة عيشهم، ويردهم من غربتهم، ويتصدى موحداً لجميع مؤامرات الدنيا التي تحاك ضده (بما فيها مؤامرات التوطين و«الهلال الشيعي» كي لا يعاتبنا أحد على إغفالها)!