ليال حدادتبتسم نادين عيسى ابتسامة ساخرة وهي تتحدّث عن سنواتها في الجامعة: «كنت أحبّ مادة التاريخ، أمضيت ثلاث سنوات في الجامعة اللبنانية، وسنة في جامعة بيروت العربية، ولكن شهاداتي لم تساعدني، فلا أحد يحتاج إلى مجازة في التاريخ». وما يزيد حسرة عيسى على شهادتها هو عبارة سمعتها من كل محيطها «المجاز بالتاريخ كأنه لا يملك شهادة».
قد يبدو حديث عيسى متوتراً، أو عاطفياً، إلا أنّ ما سمعته في كل المدارس التي قدّمت فيها طلبات للعمل، هو عبارة واحدة «لا حاجة لنا إلى معلمة للتاريخ، بل نحتاج لمن يدرّس التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية».
ما العمل إذاً؟ بدأت عيسى بحضور دورات كومبيوتر، ولغة إنكليزية وفوتوشوب. فمن التاريخ، حوّلت حلمها نحو اختصاص عمليّ، يؤمّن لها فرصة عملٍ مهما كانت صغيرة، «يجب أن أتماشى مع ما يطلبه سوق العمل، فعندما ينضج الإنسان يفهم أنّ أرض الواقع مختلفة عن الأحلام التي ترافقه عند دخول الجامعة».
ولكن رغم حظّها العاثر في مجال العمل، لا تلوم عيسى أحداً على مشكلتها، باستثناء المدارس التي لا تعرف كيف توجّه طلابها ليختاروا اختصاصات تتناسب ومتطلبات سوق العمل اللبناني «حين نكون في المدرسة نظّن أن ما نحبّه هو ما يجب علينا التخصّص فيه، ولكن عند التخرّج نصدم بالواقع».
غير أنّ وضع عيسى قد يكون أسهل وأفضل من غيرها من العاطلين عن العمل، فلوالدها القدرة المالية على إعالتها وتأمين مصروفها دون مشاكل: «والدي كان يطلب منّي أن أتريّث في العمل أثناء الجامعة». ومع ذلك، لا يبدو طلب المال من الأهل في سنّ السابعة والعشرين سهلاً أو مرضياً «أحياناً لا أفهم كيف سأطلب المال من والدي لأشتري أموراً قد لا يفهم هو حاجتها بالنسبة لي».
ولكن كل هذه الصعوبات شيء، والإحباط الذي مرّت به عيسى قبل أن تبدأ الدراسة بالمعهد شيء آخر، «الوضع النفسي للمتخرّج الذي يجلس في المنزل، يكون متدهوراً، وقد لا تكون كلمة إحباط معبّرة بما يكفي عما عشته».