يمضي مركز مساندة المرأة التابع للجمعية المسيحية للشابات (CWIC)، في نشر ثقافة اللاعنف في المدارس الرسمية والخاصة، بعدما وافقت مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) على تجديد الدعم لمشروع «شبيبة إن أكشن»
فاتن الحاج

«عندما لا أكون مسالماً، أكون سفاحاً، أهذه هي حقيقة البشر في أيامنا هذه؟»، يسأل تلامذة ثانوية الأشرفية المختلطة دافيد بو توبيا، كارول الهبر، سكارليت أبي منصور وستيفاني خوري، في بداية البحث الذي أجروه وزملاء لهم عن العنف. ومما جاء في تعريف التلامذة للمصطلح: «العنف حالة عامة في عالم مضطرب، في أسرة ترتج الأرض تحت أقدام أفرادها، في جامعات طلابها حاملو شعارات سياسية متطرّفة».
يوضّح التلامذة: «بات السلام في تجمع ما حالة نادرة ومريبة. دول تتصارع، أفراد يتقاتلون، زوج يضرب زوجته أمام أولاده، أولاد يركلون جدّاتهم ويضربون جدودهم هازئين من الشيخوخة الوقورة، وعبارات استهزاء وسخرية بحق الأتراب، وكلام تعنيف لطفل بريء».
لقد بدأ العنف، يكتشف التلامذة، منذ تكوّن الإنسان وكانت الأرض الأولى مسرح أول جريمة في تاريخ البشرية: «أخ يقتل أخاه بدافع الحسد». وتكرّ السبحة ليتخذ العنف أوجهاً عدة أبرزها: «الأولاد في قبضة الإرهاب!!».
ثانوية الأشرفية المختلطة هي إحدى المدارس الست التي استهدفها مشروع «شبيبة إن أكشن» بهدف تعزيز «محيط خالٍ من العنف». فقد أنجز تلامذة المشروع «أبحاثهم» اللاعنفية، وباتوا مستعدّين للتطوّع في النوادي التي أسّسوها في مدارسهم. ومركز مساندة المرأة التابع للجمعية المسيحية للشابات (CWIC) وعد المتطوّعين الشباب بمتابعة المشروع الذي بدأه هذا العام بتمارين حسّية أدرك معها المتدرّبون أنّ العنف قرار يختارونه بأنفسهم.
وفيما يتوسّع مشروع «شبيبة إن أكشن» ليشمل مدارس أخرى في العام الدراسي المقبل، انصرف التلامذة المشاركون في النسخة الأولى إلى الانخراط في مشروعات تعكس مواقفهم من القضية. فقد جمعت دياموند غيّة وجنيفر عواد وزاهي اللحام وميلاد مطر من مدرسة «CTI ــــ حرش تابت» آراء زملائهم حول الفكرة، واكتشفوا أنّ التلامذة يعرفون الطرق اللاعنفية لحل المشاكل، لكنّهم لا يطبّقونها في التعامل مع أقرانهم. ومن الأجوبة التي حصلوا عليها: «أضرب رفيقي كي لا يقول عنّي إنني جبان» أو «ما فعلته كان فشّة خلق». «فالتلامذة يحتاجون إلى من يشجعهم ويشرح لهم أنّ العنف الكلامي ليس أقل ضرراً من العنف الجسدي»، تقول جنيفر. وهنا تشرح دياموند «أنّ العنف إذا حصل في مدرستنا فلا يتعدى كونه عنفاً كلامياً. فالنظّار يحلّون المشاكل بسرعة ويسعون إلى تقريب وجهات النظر». ويشير زاهي إلى «أننا أسّسنا نادياً دائماً في المدرسة حيث الباب مفتوح لكل الأفكار المناهضة للعنف». أما ميلاد فيؤكد أنّ «حلقات التوعية جذبتنا وفتحت عيوننا على أساليب من التصرّف نقوم بها من دون أن نعي أنّها نوع من أنواع العنف». ويقول بحماسة: «نريد أن ننشر الآراء التي جمعناها في كتاب يشرح طرق الحوار لتفادي العنف».
وعلى قاعدة «العنف حلّ...حلّه بإيدنا»، أطلق تلامذة مدرسة المروج كالين وديما فقيه ورشا جواد وديما زين الدين وأحمد شعيب مجموعة «اسكتشات» يفسّرون فيها العنف النفسي والجسدي على طريقتهم، يذكر أنّ التلامذة باتوا يتحاورون عبر فوروم «youthinaction-lb.org».


«برتاح منّو بقتلو»

أعدّت جويل منعم من معهد «الجمعية المسيحية للشابات» فيلماً جمعت فيه لقطات من «فيديو كليبات» تثير الشهوات، في محاولة لإظهار كيف يستخدم الفن لبث العنف الإيحائي، وكيف يكتسب منه الأطفال المفاهيم الأخلاقية المنحطة. تسأل جويل: «وين بيصيروا بعد خطوي واحدة، معقولي هيك منظر؟». تستغرب جويل كيف أنّه «حتى في الحب أصبح هناك عنف»، مستشهدة بعبارة من أغنية للفنانة نوال الزغبي «واللي بفكّر يجرحك، برتاح منّو بقتلو». لا تنفي جويل أنّها عنيفة، لكنّ حلقات التوعية في «شبيبة إن أكشن» جعلتها تلتفت إلى أمور كثيرة. وتختم الفيلم بعبارة مثل: «علينا كأناس يافعين أن نعي تماماً السلوك السليم وأن نتحكم برغباتنا وأن نتميز عن السلوك الغريزي لباقي الكائنات، فيأتي سلوكنا متوافقاً مع القيم الإنسانية».