علي عباديابتهاج يتحول إلى عيد في لبنان ومعه فلسطين وأقطار عربية أخرى، لاستعادة الأسرى اللبنانيين ورفات المقاومين اللبنانيين والعرب من الاحتجاز الصهيوني بعد سنوات طويلة من المعاناة. وفي المقابل، ألم ومرارة في الجانب الصهيوني، بل إحساس بمذاق الهزيمة، ليس فقط لعودة الأسيرين قتيلين، وليس فقط أيضاً لما عُدّ الثمنَ الكبير الذي دُفع لإعادتهما، بل لأنه تبيّنَ مرة أخرى أنّ الحرب التي شُنَّت قبل عامين بعد أسرهما، جاءت بفشل ذريع وخيبة عميقة، وأعادت التساؤل مرة أخرى عن سبب خوضها إذا كانت عملية التبادل هي النهاية لهذا الملف.
أكثر من ذلك، فإنّ صور الابتهاج في الجانبين اللبناني والفلسطيني تسببُ وحدها تنغيصاً للجانب الإسرائيلي، إلى حدّ أن التعليقات الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية تصرف اهتماماً غير مألوف للإعراب عن الصدمة بسبب الاحتفالات تلك، في ظل انعدام فهم للآخر العربي الذي يرتاح لاستعادة أسراه، أحياءً كانوا أو شهداءً.
وقد وصف حاخام مستوطنة «كريات موتسكين» شمال تل أبيب (ديفيد دروكمان) هذا اليوم بـ«الأكثر سواداً»، مشيراً إلى أنه «نهاية مأساوية بالنسبة للإسرائيليين».
ولم ينسَ الإعلام الإسرائيلي أن يكيل النعوت والأوصاف لعميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار، باعتباره قاتلاً عدداً من الإسرائيليين، متناسياً أنه كان يردّ بعضاً من ثمن العدوان الصهيوني الذي كان يَسْحَقُ العرب بالمئات.
عملية التبادل في تموز 2008، لها ما قبلها ولها ما بعدها، إنها تاريخ فاصل، تؤرخ لتكريس هزيمة منطق الردع الصهيوني، وقدرة المقاومة بمجاهديها وناسها على تغيير الاتجاه.