إيلي شلهوبتتجه الأنظار اليوم إلى جنيف، حيث يجري الاتصال المباشر الأرفع والأول من نوعه منذ 1979، بين إيران وأميركا، في ظل تسريبات متزايدة عن قرب فتح مكتب لرعاية المصالح الأميركية في طهران. لقاء يجمع وليام بيرنز وسعيد جليلي، حرصت واشنطن على التأكيد على أنه ليس سوى «تكتيك جديد» يُستخدم «لمرة واحدة فقط»، ولا يعكس تعديلاً في السياسة التي اعتمدها جورج بوش خلال السنوات السبع الماضية «لا حديث مع الأعداء». ما تكشّف عن ملابسات عقده يحمل العديد من المعاني: بيرنز اقترحه على رايس، التي عرضت الفكرة على جورج بوش فوافق، بعد نقاش مع ديك تشيني وفريقه، اللذين عبرا عن «استيائهما» منه من دون أن يحولا دونه.
حصل الأمر نفسه قبل أشهر مع كريستوفر هيل. وقتها قال لكوندي، خلال سلسلة اجتماعات لمناقشة الملف الكوري الشمالي، «إذا سمحتِ لي فقط بالذهاب إلى بيونغ يانغ، سآتي لك باتفاق». وهكذا كان.
تجربة يُستند حالياً إلى نجاحها لتسويق حضور بيرنز اجتماع مجموعة الـ«5+1» لـ«الاستماع» لا لـ«التفاوض». ولعلها السبب الأساس الذي جعل مشاركة كهذه ممكنة، وخاصة أنها تأتي تتويجاً لصراع مرير خاضته رايس، ومعها وزير الدفاع روبرت غايتس، مع «الصقر الكبير»، والمقصود تشيني، لتعديل المقاربة الأميركية للعديد من الملفات، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني.
صراع ظهرت ملامحه مع توليها وزارة الخارجية، واقتناعها بعقم المقاربة السابقة التي أغرقت بلادها في المستنقع العراقي، وعززت نفوذ «الأعداء» في أكثر من مكان. استعادت إرث بيل كلينتون وسلفها كولن باول. بدأت تضغط، مدعومة بتقرير بيكر ــــ هاميلتون، باتجاه مزيد من التورط الدبلوماسي المباشر، سواء مع كوريا أو في الشرق الأوسط، حيث نادت بربط الأزمات. كان لها ما أرادت، حسبما تبيّنه تطورات الأشهر الماضية.
بقيت إيران، وملفها النووي، ومعهما أشهر قليلة للعمل. ما عاد الوقت يسمح، بنظر تلك الدبلوماسية السمراء، سوى بإدارة أزمات، وإرساء أرضية تمكّن الرئيس المقبل من البناء عليها. تسعى، كما غيرها، إلى ترك إرث لها.
المشكلة أن إيران ليست كوريا، وما قبل به تشيني في أقصى الشرق، قد لا يهضمه في قلب الخليج.
العبرة بطريقة الاستجابة الإيرانية.