باب التبانة مجدداً. اشتباكات وضحايا، لكنها هذه المرة ليست كما جرت العادة خلال الشهرين الماضيين، بين باب التبانة وجبل محسن. أما المشتبكون، فالقوى الأمنية ومسلّحون ممن ظهروا في التبانة خلال الأسابيع الفائتة
طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
سقط قتيل وجُرِح خمسة أشخاص في تبادل لإطلاق النار وقع بعد منتصف ليل الخميس ــــ الجمعة في منطقة باب التبانة بطرابلس. تبادل إطلاق النار الذي وقع قرب الجامع الناصري، عند المفترق المؤدي إلى شارع سوريا من جهة، وإلى طلعة العمري ومنطقتي جبل محسن والقبة من جهة أخرى، حصل بين الجيش وقوى الأمن الداخلي من جهة، ومسلحين من باب التبانة ينتمي العدد الأكبر منهم إلى المجموعات التي قاتلَت مسلّحي جبل محسن خلال الأسابيع الماضية.
ورغم تضارب الروايات بشأن أسباب وقوع الحادثة، فإن المعلومات المتقاطعة بين أكثر من رواية أشارت إلى إلقاء مجهولين كانوا يستقلون سيارة قنبلة يدوية قرب موقع الجيش اللبناني في شارع سوريا (الذي يفصل بين منطقتي التبانة وجبل محسن)، وفروا لاحقاً إلى جهة مجهولة، مما دفع الجيش وقوى الأمن الداخلي إلى تسيير دوريات وإقامة حواجز تفتيش في المنطقة بحثاً عن الفاعلين.
إلا أن الأوضاع عادت وتوترت بعيد الواحدة من فجر أمس، بعد اقتراب سيارة أخرى وفي داخلها 3 أشخاص من حاجز الجيش، ورفضهم الامتثال إلى أوامر الجنود الذين أنذروا السائق بالتوقف، فأطلق أفراد الجيش النار باتجاه السيارة، مما أدى إلى مقتل خالد الشامي الملقب بـ«سمير» (18 عاماً)، وجرح كل من ناصر الجاموس وسمير المصري اللذين نقلا إلى المستشفى الإسلامي.
إثر ذلك، توتر الجو في المنطقة، وسط أجواء من الاستنفار الشديد، صاحبها تعرض إحدى الدوريات الأمنية لإطلاق نار عليها، مما أدى إلى جرح مجنّد في الجيش اللبناني وعنصرين من قوى الأمن الداخلي هما شربل عبود وجوزف مرعب (أحدهما حالته حرجة)، نقلوا والقتيل الشامي إلى مستشفى النيني.
وقد أعقب الحادثة ظهور مسلح كثيف في المنطقة، وإطلاق نار على محاور خط التماس بين باب التبانة وجبل محسن في شارع سوريا، فيما عزز الجيش وقوى الأمن الداخلي إجراءاتهما ودورياتهما في محيط باب التبانة، قبل انسحابهما لاحقاً لساعات، ثم دخولهما إليها مجدداً، وتعزيز وجودهما فيها منعاً لانفلات الأوضاع الأمنية مرة أخرى.
توسيع انتشار الأجهزة الأمنية ترافق مع جهود حثيثة بذلها مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، بالتعاون مع فاعليات وممثلين عن معظم الأطراف المعنية، لمحاولة خفض نسبة التوتر على الأرض.
إمام مسجد حربا في طرابلس، الشيخ مازن المحمد، أوضح لـ«الأخبار» أن «توجهنا هو إنهاء التوتر الأمني في باب التبانة، وعودة الأمن والاستقرار. وأهم مسألة عندنا هي عدم الدخول في مواجهة مع الجيش وقوى الأمن»، لافتاً إلى أنه «بعد وقوع الحادثة والاستنفار المسلّح الذي أعقبها، أبلغنا الشباب أن الإشكال وقع مع الجيش وقوى الأمن الداخلي، فتراجعوا فوراً وضبطوا الوضع، لأن عند أهل المنطقة قراراً حازماً بعدم مواجهة القوى الأمنية نهائياً».
وبعد ظهر أمس، شُيّع الشامي من مسجد حربا وسط باب التبانة التي شهدت إقفالاً تاماً لمحالها التجارية، وتراجعاً كبيراً في حركة السير في شوارعها، في موازاة حركة نزوح واسعة للأهالي من المنطقة باتجاه مناطق أكثر أمناً، داخل طرابلس وخارجها، بعد رواج شائعات عن قرب انفجار الوضع الأمني مجدداً.