أنهى طلاب قسم الصحافة المرئية والمسموعة في كلية الإعلام والتوثيق - الفرع الأول في الجامعة اللبنانية، مناقشة مشاريع التخرّج للعام الجامعي 2007 - 2008. ثمانية عشر فيلماً عُرضت خلال يومين متتاليين، وخضعت لتقويم لجنتين مختلفتين
محمد محسن
تنوعت الأفلام ـــــ مشاريع التخرّج التي ناقشها طلاب كلية الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية بشقّيها التوثيقي والسير الذاتيّة بين السياسة والفن والإعلام. في «الزمن دولاب» تتحدث نسرين ناصر وراوية أبو الحسن، في خمس عشرة دقيقة، عن أوضاع الممثلين اللبنانيين، وقد حلّ أبو سليم وشكري وفهمان والزغلول ضيوفاً يروون باختصار حالتهم هذه الأيام. كذلك يعرض أعضاء الفرقة مشاريعهم بحسرة تعكس عدم التفاؤل بالمستقبل. وقد استعانت الطالبتان ببعض المشاهد من أرشيف «كل يوم حكاية»، فيما تخلّل الفيلم مقابلة مع أمين سر نقابة الفنانين عبيدو باشا. أرادت نسرين وراوية الإضاءة على أحوال فنانين «أضحكوا الناس على مدى ثلاثة أجيال، وبرم دولاب الزمن بهم».
ابتعد الفيلم الثاني عن روحية الفيلم الأول، فقد أنجز فؤاد خريس فيلماً وثائقياً بعنوان «أيام من ذاكرة الخيام»، يعرض فيه وثائق وشهادات عن المجزرة التي وقعت في عام 1978. وقد ركّز خريس على شهادة ناجية وحيدة من المجزرة التي راح ضحيتها ما يفوق المئة من النساء والأطفال وكبار السن. كما تحدّث في الفيلم مقاتل سابق في جيش لبنان العربي، فروى بعض مشاهد المعارك التي حصلت قبل دخول الجيش الإسرائيلي وعملائه إلى البلدة. استعان خريس أيضاً بمجموعة من رسائل رئيس البلدية آنذاك، ومقاطع لمسرحية الفنان روجيه عساف، ووثائق أخرى من صحيفة هآرتس الإسرائيلية تتكلّم عن دور الجيش الإسرائيلي المباشر فيها. يؤكد الفيلم أن غالبية جثث الشهداء مجهولة، وأن غالبيتهم العظمى كانت من العجّز الذين سقطوا في ساحة البركة في البلدة.
وللقضية الفلسطينية حضورها أيضاً، فقد اختارت نادين الديماسي الجانب المفرح من القضية، إذ انطلقت من التراث الفلسطيني بوابةَ عبور نحو الحفاظ على ذاكرة العودة. بدأت نادين بعرض أطفال من المخيمات يتعلّمون الدبكة الفلسطينية على أنواعها، وانتقلت نحو الفنون اليدوية كالتطريز والرسم على الزجاج. ثم أفردت حيزاً للأطفال الذين تحدثوا عن قراهم الأصلية في فلسطين، ورغبتهم في العودة مهما طال الزمن. لم تغفل نادين تصوير الحكواتي ومتحف الذكريات في مخيّم شاتيلا، وعرّجت على التأريخ للأمثال الشعبية الفلسطينية. كذلك لم تغب موسيقى العود الحزين خلال خمس عشرة دقيقة، مدّة الفيلم، إلا عند صوت فيروز «سنرجع يوماً» وصرخات الأطفال وهم يدبكون، قبل أن ينتهي الفيلم بعبارة قالتها طفلة بلباس تراثي فلسطيني: «بدّي أرجع عبلدي». رسالة نادين من الفيلم هي أنّ «الفلسطينيين لم ينسوا».
أما الفيلم الرابع فقد تحدّثت فيه فاطمة قاسم ورانية سنجر عن تاريخ لبنان، والمفاصل التي مرّ بها بوصفه «دوائر». يبدأ الفيلم بشهادات لبيارتة أصيلين يروون بيروت القديمة التي «كانت لا تنام، كانت 24 على 24، وكان كل شي إلو سوق». يتحدّث البيارتة عن شارع الحمرا تاريخياً، لينتقل المشهد إلى الحرب الأهلية ومرحلة ما بعد الطائف. ويعرض الفيلم مشاهد تمثيلية عن تأثير الأوضاع السياسية على السياحة والأجواء العامة. وقد أدّى المشاهد الممثل علي منيمنة والطالبة ناهد يوسف.
وعُرض بعد ذلك فيلمان، يتناول الأول زراعة الحشيشة والحشّاشين، فيما يتطرق الثاني إلى حياة المكفوفين وطريقة عملهم وكيف يعيشون، وكان بعنوان «ضباب». ومن أفلام السيرة الذاتية فيلم عن الممثلة أمال عفيش، و«طائر الجزيرة» غسان بن جدّو، فيما تناولت أفلام أخرى موضوعات الفقر والنساء داخل السجون وعلاقة اليونيفيل بأهل الجنوب ومخيّم الجليل الفلسطيني. كذلك عرض فيلم عن اللاجئين العراقيين في لبنان.
من جهتهم، أخذ الأساتذة بالاعتبار بعض الظروف الصعبة والاستثنائية التي مرّ بها الطلاب على المستوى الاقتصادي والزمني. واتفقت اللجنة المشرفة على التنويه ببعض الأفلام، فيما اختلفت في ما بينها على البعض الآخر، حيث انتقد أو نوّه كل عضو في اللجنة، انطلاقاً من المقرر الذي يعطيه في الجامعة.


لقطة

جرت مناقشة المشاريع في ظروف اعتاد عليها طلاب الجامعة اللبنانية، فلم تعرض الأفلام بواسطة «سلايدات»، بل على تلفزيون عادي وDVD. وقد أثار صوت الأشغال قرب مبنى الكلية امتعاض اللجنة والطلّاب، فيما شعر الجميع بحرّ شديد نتيجة غياب التكييف. وقد كان التوتر واضحاً على وجوه بعض الطلّاب.


يشرح فؤاد خريس الدوافع لاختيار موضوع «أيام من ذاكرة الخيام». يبدو مقتنعاً بأنّ «التاريخ لا يعيد نفسه، إلاّ على الشعوب صاحبة الذاكرة الضعيفة». ويوضح أنّ كشف الدور الإسرائيلي الواضح في مجزرة الخيام كان من أهمّ أهداف الفيلم الذي قدّمه


أُعجبت اللجنة بالحكواتي البيروتي الذي مرّ في فيلم فاطمة قاسم بعنوان «تاريخه دوائر». عبّرت فاطمة عن رغبتها في أن يؤثّر في الجيل الشاب الذي يجب أن يأخذ عبرة الحرب من الجيل الذي سبقه. وقد وصلت فكرة فاطمة في أقل من خمس
عشرة دقيقة