ليال حداديسار، إذا كان صبياً، ورفح إذا كانت فتاة. هكذا قرّرا. إلا أنّ اعتراض الأهل وقف أمام حبّهما. فهي، أي ريتا، مسيحيّة مارونية. وهو، أي طارق، فلسطيني سنّي، وبالتالي لا مجال لإكمال العلاقة.
فلنعد إلى البداية. ريتا، من عائلة بورجوازية، تسكن في جونيه، معها سيارتها الجديدة، تتعلّم في إحدى الجامعات الخاصة، وتعشق العماد ميشال عون «ونبيل نقولا»، تقول ضاحكة. إذا هي تملك ببساطة جواز سفرها إلى حياة اجتماعية وعملية ناجحة. أما طارق، فيسكن في منطقة مار الياس، ناشط في المجتمع المدني، يدرس العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، ولا يملك المال أو السيارات، ومهووس بجورج حبش. لا شيء يجمعهما، باستثناء صديقة مشتركة، دعتهما إلى زفافها.
المهمّ، التقى طارق ريتا، أحبّا بعضهما، وأصبحت أوقاتهما كلها مشتركة. صعقت ريتا حين علمت أن حبيبها فلسطيني. فمن المفترض بالفلسطيني أن يسكن خيمة في ضاحية معينة، وأن يحمل حجراً أو «نقّيفة» على خصره. ولكن لا. كان طارق مختلفاً. فأحبّت فلسطين لأنها أحبّته. وأحبّت اليسار واليساريين لأنها أحبته. أما هو، فبات يغضّ النظر عن بعض طروحات العماد عون، ويضحك حين يسمع النائب نقولا يعلّق على الأحداث السياسية.
بعد ثمانية أشهر، حان وقت الجدّ، أي إخبار والدَي ريتا، بحبيبها الفلسطيني. فما كان منهما إلا أن منعاها من رؤيته «هوّي إذا كان لبناني مسلم مش رح يقبلوا، كيف إذا فلسطيني؟». تحدّت الفتاة إرادة والديها واستمرّت برؤية طارق «بالمخفي».
إلا أن السرّ لم يستمرّ طويلاً، فعرف الوالدان بالعلاقة، وأجبرا ريتا على تركه، تحت طائلة منعها من الذهاب إلى الجامعة والخروج من البيت. أخبرت ريتا حبيبها بالواقع الجديد، فطلب منها أن يبتعدا مؤقتاً تفادياً لوقوعها في مشاكل. وهكذا حصل.
لا تزال ريتا تنتظر عودة طارق. هو لن يعود، تعلم ذلك، ولكن لا ضرر في الانتظار، علّها تربح اللوتو «وهيك بروح بخطفو»، وليبقَ أهلها في التقوقع الطائفي والعنصري، هكذا تقول، وهكذا تحلم.