رويدا أبو عيد«أنا من عين الحلوة»، هذا ما نقوله عندما تلتف حبال اللجوء حول أعناقنا لتخنق فينا أنفاس الهوية، عند تباهي الآخرين ممن لم تنهش أوطانهم أنياب الاحتلال ولم يستفيقوا على نكبة في شتات القهر والهوان، بل يرتعون في عزة العيش في كنف الوطن. أنا ابنتها، أعشقها كلّها، بتفاصيلها الكاملة والناقصة. ما أعشقه فيها أنها ذاكرتي النابضة دوماً بيقين العودة إلى فلسطين، فهي لا تلبس ثوب الحيلة الذي تخيطه عادة مخيمات اللجوء في العالم لتغتنم سطوة الواقع وتصبح وطن التعويض وملاذ الوجود الأخير. «حلوتنا» أضحت تحت الإهمال لاجئة معنا تنتظر ولادة النصر لنعود معاً إلى الوطن. في عين الحلوة حيث الموت، لا بالنيران، بل بالنسيان، لن أدّعي أنني تقاسمت وسكانها مرارة حبها. اختارني القدر لأكون العاشقة البعيدة التي لم تكتوِ بحرقة العاشقين، في أزقة فتك بها ظلم الحياة وقساوتها حيث تُرتكب أعتى الجرائم ضد الإنسانية وحقوقها. منحتني عين الحلوة عباءة الانتماء إليها من دون أن أدفع أي ضريبة. أعطتني الفخر من دون أن أشارك أهلها في سباق لقمة العيش ودون أن أجلس مع أربعين تلميذاً في صف واحد متحمّلين رداءة الظروف التعليمية، علّنا نمتطي جناح العلم لننجو من التشرّد وعار النكبة، ودون ودون ودون... وبعيداً عن الدخول في سراديب السياسة التي لا تعرف عن عين الحلوة سوى أنها معقل مسلّح لتخصيب الإرهاب واحتضان الإرهابيين، بعيداً عن كل ذلك، «الحلوة» وطني حتى عودة وطني، وانتمائي حتى تحرير انتمائي.