رضوان مرتضىأراد جاد أن يمضي ليلته في منزل شقيقه الأكبر. وُضع طعام العشاء إلا أن الخبز كان قد نفد. طلب شقيقه منه النزول لشراء ربطة خبز. نزل جاد ليحضر الخبز لكنه لم يعد.
يرقد جاد الله البغدادي (15 سنة) في مستشفى رفيق الحريري الجامعي منذ أكثر من 50 يوماً، وتحديداً من مساء السبت في 24 أيار. في تلك الليلة، صدمت سيارة مسرعة على أوتوستراد الماريوت الفتى جاد أثناء محاولته عبور الشارع لشراء ربطة خبز. الشقيق الأكبر وسام لم يكن يعلم أن جاد قد تعرّض لحادث صدم. تأخُّر عودة جاد أثار قلقه فذهب ليسأل عنه في المتجر المقابل لمنزله. «هل حضر فتى واشترى ربطة خبز؟» سأل وسام صاحب المتجر الذي أجابه، «لم أبع ربطة خبز منذ ساعات».
الإجابة لم تؤكد أو تنفِ قلق وسام، احتار ماذا يفعل وأين يسأل. أثناء ذلك أخبره أحد الموجودين في المنطقة أن سيارة صدمت فتىً أثناء اجتيازه الطريق، مشيراً إلى أن السيارة قذفت جسد الفتى مسافة 50 متراً. سأل وسام بتردد عن مواصفات الفتى لكنه لم يُرد أن يُصدق أن ذلك كان شقيقه الأصغر.
مواصفات الفتى الذي صدمته السيارة قطعت شك وسام. استجمع قواه وسأل عن تفاصيل ما جرى، فعلم أنه نُقل إلى مستشفى بيروت الحكومي، وأن القوى الأمنية أوقفت سائق السيارة الصادِمة واقتادته إلى مخفر الدرك القريب. قصد وسام مستشفى رفيق الحريري. هناك، في قسم الطوارئ، كانت الجروح والدماء تغطي جسد جاد ورأسه. يقول وسام: «النرابيج الداخلة فيه والخارجة منه زادت من خوفي». سأل طبيب الطوارئ عن حالته فأجابه: «أحضروه على آخر نفس، أجرينا له الإنعاش ونحن في انتظار استقرار وضعه».
في مخفر الشرطة، نصح المحققون والد جاد بألّا يدّعي على سائق السيارة، بما أن والدَي الأخير تعهّدا تحمّل مصاريف العلاج. وقد أخلي سبيل الشاب ظهر الأحد، بعد يوم من الحادث.
أهل جاد تحدثوا عن قرار صدر في المستشفى بعد مضي أسبوعين على دخوله إليه، ويقضي بنقل جاد إلى مستشفى دار العجزة الإسلامية على اعتبار أنه عاجز، إلا أن الأهل رفضوا نقله. وجيهة، شقيقة جاد وضعت أملها في الله بعدما فقدت الأمل من الأطباء، ليس من باب انعدام الثقة بل بسبب حراجة حالة شقيقها. أحد الأطباء المشرفين على جاد أخبرها أن أقصى ما يمكنهم أن يتمنّوه هو تمكّن جاد من الإبصار مجدّداً، بعد سنتين على الأقل، من دون القدرة على النطق أو الحراك.
رغم حالة جاد الصحية الحرجة، هناك هاجس يقلق بال العائلة التي تسأل عما سيحصل بعدما تتجاوز تكاليف علاج جاد المبلغ الذي تغطيه بوليصة التأمين، ماذا سيكون بعدها مصير جاد إذا لم تتمكن العائلة من دفع تكاليف العلاج؟.
جاد هو أحد ضحايا حوادث السير، الذين وصل عددهم إلى أكثر من 800 قتيل و11 ألف جريح خلال عام واحد، بحسب إحصاءات جمعيات أهلية. إلا أن هذه الأرقام لم تدفع السلطات الرسمية للتحرك ووضع خطة لمكافحة القاتل الأول للبنانيين.