خليل عيسىبعدما احتفل اللبنانيون بيوم تحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية، استفاق بعضهم على رسالة صوتية عبر الهاتف الخلوي، الرسالة المسجلة موجهة من الإسرائيليّين إلى اللبنانيين، تدعوهم فيها للتخلي عن حزب الله، وتتوعد الرسالة بأن إسرائيل سترد بحزم على أعدائها، وهذه ليست المرة الأولى التي يتلقّى فيها اللبنانيون رسائل تهديد صوتية من الإسرائيليين، فما زالت ماثلة في الأذهان عشرات الرسائل التي وصلتنا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف عام 2006.
أتت هذه الرسائل عبر اتصالات تلقيناها من رقم أجنبي مؤلف من أصفار. فكيف تمكّن الإسرائيليون «تقنياً» من توجيه رسائلهم إلى هواتفنا؟ وهل من سبيل لمنعهم؟
بعد التهديد الأخير، هذه المرة لم تتأخر وزارة الاتصالات عن المتابعة الجدية والعلمية لهذا الملف، وقد قام وزير الاتصالات جبران باسيل بسلسلة تحركات في اليوم نفسه.
ويشرح مهندسون من وزارة الاتصالات اللبنانية أنّ شبكات الاتصال بين الدول ليست مرتبطة بعضها ببعض بشكل مباشر بل هي تتم عبر شركات موزّعة عبر العالم تسمى Operator أي «عملاء الهاتف». حين يتصل ببلد آخر يكون الـOperator هو الذي يمكّنه من الاتصال.
ويقول بعض خبراء الاتصالات إن الإسرائيليّين يستطيعون الاتصال مباشرةً إلى لبنان عبر ترقيم الرمز 961+ وهو الرمز الدولي للبنان، فالإسرائيليّون لا يواجهون أيّ مشكلة معنوية في فعل ذلك، فهم يعدّون ذلك جزءاً من عملية «التطبيع» التي يبتغونها.
أما اللبنانيون، فلا يستطيعون ذلك، لأن الدولة اللبنانيّة أقفلت ما يسمى نقطة البداية ( Origination point) لاتصال هكذا ولذلك لا تعود الصلة مع الـ Operator في إسرائيل ممكنة.
من خلال استخدام شبكة الاتصّالات العادية إضافة إلى أنواع متطوّرة جداً من البرامج التكنولوجية، يتمكّن الإسرائيليون من تسجيل رسائل و إرسالها إلى سلسلة محددة سلفاً من أرقام الهواتف، وقد يعمدون إلى إرسالها إلى أرقام اختيرت بشكل عشوائي. وقد يرسل الإسرائيليون رسالة مشفّرة (Encryption) بشكل معقّد جداً لطمس مصدرها و محتواها، وهذه هي الطريقة التي يتّبعونها عادةً.
ولفت مهندس الاتصالات محمد فروخ إلى طرق أخرى قد يستعملها الإسرائيليّون وهي الدخول إلى أنظمة الاتصالات عبر برامج على شبكة الإنترنت كـ Skype مثلاً، واستعمال خدمة الاتّصال بالشبكات الأرضية PC to phone ، علماّ أنّ شركات اتصالات خاصة وعالمية تقدم لمشتركيها إمكان الاتصال مجاناً ببعض الدول. ويقوم حينها المرسل بتوليد ملايين الرسائل بشكل أوتوماتيكي، ودون أن يجد المتلقّون أي إمكان لردعه.
مهندسون في شركة «اوجيرو» قالوا لـ«الأخبار» إنّه في أواخر حرب تمّوز، و بعد ورود عشرات آلاف الرسائل الصوتية إلى اللبنانيين، طلبت عبر وزارة الاتّصالات من المحوّلين أي الشركات المسماة (Operators) التي مرّت الرسائل عبرها قطع أيّ رسائل جديدة تتضمّن (Origination point) أو نقطة بداية في إسرائيل، علماً أن بإمكان الإسرائيليين أن يرسلوا الرسائل عبر بلد أجنبي. نجح هذا الإجراء في وقف كل أنواع المضايقات لفترة من الزمن، لكنّ المهندسين قالوا إنّ المسؤولين في الوزارة لم يراقبوا مدى التزام الشركات بما طُلب منها، هذا الإهمال سمح للإسرائيليين بتكرار «التهديدات» عبر الهاتف الأسبوع الماضي.
قد تكون النزاعات السياسية السبب الرئيس بإهمال المسؤولين السابقين في الوزارة لهذا الملف، ويصرّ مهندسو الاتصالات على أن وسائل الحماية صعبة، وتتطلّب متابعة دائمة ودؤوبة لأن الحرب عبر الخلوي جزء من الحرب النفسية ضد اللبنانيين.