محمد زبيبيفاخر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بأنّ سياسته النقدية أسهمت في ارتفاع ميزانيات المصارف اللبنانية في لبنان والخارج إلى 110 مليارات دولار، أي إلى 5 أضعاف الناتج المحلي القائم تقريباً، وزيادة رسملة بورصة بيروت من 13 مليار دولار في نهاية عام 2007 إلى أكثر من 16 مليار دولار في نهاية أيار الماضي، فضلاً عن ارتفاع أسعار العقارات في العام الجاري بنسبة تصل إلى 40%... علماً أنّه لا يخفي «أنّ التضخّم، المصاحب لهذه المؤشّرات، أدّى إلى خسائر في القدرات الشرائية للمقيمين بنسبة 15% في عام واحد». إلا أنه يعود للتقليل من الدلالات السلبية القائمة، عبر إشارته الدائمة الى «أن ثروة اللبنانيين في لبنان والمهجر تقدر بحوالى 300 مليار دولار».
ما يرى سلامة أنّه مصدر للفخر، يمثّل عند بعض الخبراء دلائل على «الحالة المرضيّة» التي يعانيها لبنان. فالقدرة الدائمة على اجتذاب تدفقات هائلة من الرساميل والودائع والديون والتحويلات الخارجية، لا يجري صرفها إلا في تمويل الاستهلاك المفرط، والترويج لأنماط التبذير، بدلاً من تعزيز القدرات الإنتاجية وزيادة القدرات التنافسية للاقتصاد الحقيقي... وهذا ما يؤدي الى الاختلالات التي يشكو منها الجميع، ولا سيما على صعيد ارتفاع الأسعار والأكلاف وتفشّي الأورام المالية وزيادة الفروق الاجتماعية التي دلّت عليها دراسة برنامج الأمم المتحدة الأخيرة، إذ تبيّن أن حصّة نصف اللبنانيين لا تتجاوز 20% من مجمل فاتورة الاستهلاك المحلي، فيما 20% من اللبنانيين من أصحاب المداخيل الاعلى يستأثرون بنصف هذه الفاتورة.
فالنجاح الذي يتحدّث عنه سلامة يترافق مع عجز كبير على مستوى الإنتاج، ومع ادّخارٍ محلي سلبي (الناتج المحلي القائم ناقص الاستهلاك)... فضلاً عن أن النمو الحقيقي السنوي متوسّطاً يقارب الصفر بين 1993 حتى 2007.
باختصار، ما لا يقوله سلامة هو أن التدفقات الكبيرة فاقت الحاجة إلى تمويل العجز الضخم في الادّخار المحلي. وبدل أن تدفع هذه الأموال الإنتاج إلى الأمام، حلّت مكانه، بل والأخطر من ذلك، كما يشير د. شربل نحاس، أنها أحدثت خللاً في الأسعار الداخلية، ما أفقد تلك الأموال ما يقارب ثلاثة أرباع قيمتها الحقيقية في الأسواق المحلية!.