ينفض 36 شاباً من جمعية فرح العطاء الغبار عن سجن البترون، في محاولة منهم لتحسين ظروف عيش 45 سجيناً يزدحمون في ثلاث غرف تفوح منها رائحة القذارة، تغزوها الصراصير، وتهجرها حقوق الإنسان
البترون ـ جوانا عازار
«ما تقولوا شو فينا نعمل والبلد هيك، تعوا شوفوا كيف فينا نغيّر لأنّو هيك منعمل لبنان»، يقول المتطوّع في جمعيّة فرح العطاء والمسؤول عن مشروع تأهيل سجن البترون مارك طربيه. فالمشروع انطلق في 12 تموز الجاري ويستمر لمدة شهر ونصف شهر، ويهدف إلى تأهيل واستحداث سجن البترون بعد تأهيل سجون عاليه، صور، أميون، بربر خازن وجبيل.
يهجر شباب «فرح العطاء» مناطقهم وطوائفهم وحياتهم اليومية الصاخبة إلى التطوع في سجن البترون. يجتمعون في مركز الجمعية في بلدة كفيفان قضاء البترون مسهمين في العمل كلّ بحسب قدرته. يستيقظون في السابعة من كلّ صباح ويبدأون العمل من التاسعة حتى الخامسة من بعد الظهر، فيما تتخلّل النشاط فترات من الاستراحة، قبل أن ينتهي يوم العمل الطويل بطلبات ودعوات وصلوات يتشارك فيها الشباب.
يوحّد الشباب قدراتهم لخدمة المشروع. يزيلون الدهان القديم عن الجدران وينظفونها، فيما حصلوا على إذن من المديريّة العامة للأمن الداخلي وقيادة الدرك لتغيير لون الدهان لجعله مريحاً للنظر. كذلك يهتمّ الشباب بإضافة الإنارة داخل غرف السجن ووضع إمدادات جديدة للكهرباء لإزالة كلّ خطر يهدّد المساجين، فضلاً عن تأهيل الإمدادات الصحيّة والحمّامات، تغيير قساطل مياه الاستعمال ومياه الشرب، وتوفير خزانة لكلّ سجين يضع فيها أغراضه الخاصّة. يعملون على استحداث نظام تهوية في السجن عبر تعزيز «النافذة الصغيرة في كلّ غرفة، وإضافة مراوح إلى الغرفة، وتركيب شفّاط للهواء لتحسين التهوية والتنفّس داخل الغرف.
وفي المكان المخصّص لاستراحة السجناء المعروف بالنزهة، يقوم الشباب بزيادة مقعد من الباطون ليجلس عليه السجناء، فضلاً عن رسم لوحات ملوّنة على الجدران».
على صعيد آخر، دفع نمط الحياة هذا الكثير من المتطوعين إلى مغادرة المكان إلى منازلهم لتبديل ملابسهم والعودة إلى زملائهم في اليوم عينه. وفي هذا الإطار، تقول ميشيل سعد (17 سنة)، المتطوّعة في الجمعيّة منذ سنتين، إنّها تعلّمت «الوحدة والتضامن» بين المتطوّعين، وتشعر بالرضى لكونها تسهم في تحسين شروط حياة السجناء ليتمتعوا براحة أكبر». بدوره، لا يأسف الياس جبيلي (19 سنة)، الطالب في الهندسة والمتطوّع في الجمعيّة منذ 5 سنوات على ترك المغريات في الخارج والمساهمة على تنفيذ المشروع، فبالنسبة إليه «لا بدّ من مساندة كلّ إنسان يعيش الذلّ لأنّه لا يمكن السكوت على هذا الواقع»، ثم إنّه قادر على ممارسة حياته العاديّة بشكل دائم لكن فرصة تأهيل السجن لا تتاح له في أي وقت، كما يقول. ودعا الياس المسؤولين إلى زيارة السجون ليروا وضعها عن كثب.
وتعلّمت تانيا أيوّب (20 سنة) قبول الآخرين باختلافاتهم. أمّا كريم طرابلسي (17 سنة)، فيرى في المشروع «طريقة لإحداث فرق في الوطن على يد شباب يجتمعون رغم اختلافهم في عمل موحّد، موجهّين رسالة أنّنا قادرون على العمل معاً لخدمة هدف أكبر لتوحيد لبنان». يذكر أنّ السجناء انتقلوا إلى سجون أخرى في انتظار انتهاء أعمال التأهيل.