أمل ديبهو ليس «عاطلاً» عن العمل، بل معطَّل بإرادته. فجورج لا يعمل لأنه، ببساطة، لا يريد ذلك. الشاب البالغ من العمر 18 عاماً والحامل شهادة في تصميم المجوهرات توازي شهادة البريفيه، منذ عامين تقريباً، قرر أنه لا يريد العمل إلا عندما يبلغ التاسعة عشرة. ترك جورج المدرسة في صف الرابع المتوسط «لأنني ما كنت نافعاً»، فشجّعه الأهل على التسجّل في معهد، والبحث عن اختصاص لا يتطلب الدرس والمجهود العلمي، بل العملي الطفيف. هكذا اختار جورج، مجبراً، اختصاص تصميم المجوهرات، وحصل على الشهادة بسهولة.
وبعدما حقّق أمنية أهله، انصرف جورج إلى تحقيق إرادته، أي «لا شيء». لم يعمل منذ عامين إلا مرة واحدة، حين سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية بما أنه يملك جواز سفر أميركياً، وبقي هناك شهراً ونصف شهر عمل خلالها في محطّة للمحروقات بدوام جزئي، وما لبث أن عاد إلى «تسكّعه» في لبنان، فصرف كل المال الذي جناه على السهر واللهو، و«ما فينا نخبر شو عملنا وشو ما عملنا» يقول. أما الحجة التي يتذرع بها، فهي أنه ليس بحاجة إلى العمل، فالمال يؤمّنه الأهل و«بكير عالشغل». لا يعني جورج كون الأصدقاء والأقارب في محيطه يرتادون الجامعات والمدارس، ويقصدون أماكن العمل، فهو لا يشعر بأي نقص، ويستمتع بنمط حياته.
يستفيق جورج بعد الظهر يومياً، ويقصد ساحة البلدة حيث يعيش، ويقضي الوقت في التسكع مع الأصدقاء «الزعران والأوادم» ولعب الورق وكرة السلة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات واللهو على الإنترنت، ثم يسهر الليل مع «الأصحاب». باختصار يصف نفسه بأنه موظف في شركة «كزدر». موقف الأهل من جورج غير مشجع، يريدون منه أن يعمل وأن يقضي وقته بطريقة مفيدة، لكن «الأهل على طول بيحكوا بس أنا ما بسمع». يكتفي بطلب المصروف منهم، ولا ينكر أنه في بعض الأحيان يساعد والده في العمل، وإن مجبراً. فحين ينصرف العمال إلى العطلة، يتشجع جورج للعمل مع والده، إلا أن عودة العمال تعيده إلى «التنبلة».
يكرر جورج يومياً العبارة نفسها لمن ينتقده «ما في أكتر من الشغل إذا أنا قررت اشتغل»، فهو على ثقة بأن باستطاعته السفر إلى دول الخليج والعمل في مجال تصميم المجوهرات إذا أراد. أو قد يصدق المخطّط الذي رسمه لهذا الصيف: سيسافر إلى أميركا وهناك لكل حادث حديث.