من الصعب أن يبتلع أحد كعكةً «ناشفة»، غير ممسوح عليها قرص أو قرصان من «البيكون»، أو إلى جانبها خضار أو ربما فنجان شاي أو غيره. والكعكة متاحة للجميع بقيمة 750 ليرة لبنانية، لكن «لقمة» الكعك جافة تعلق في الحلق. «تعلق في الحلق»، والكل يعرف الترجمة الفعلية والعملية لهذه العبارة: أي إنها تسدّ الفم وتسبّب أحياناً ضيقاً في التنفّس. إنها أشبه تماماً بأكل 750 ليرة لبنانية بالعملة الورقية القديمة (7 أوراق من فئة الـ100 وورقة من فئة الـ50).كانت فاطمة تأكل كعكة «يتيمة» بالقرب من مخبز على مخرج بيروت الجنوبي، تنعزل عن السيارات وزبائن المخبز في استراحة قصيرة لتتمكن من متابعة عملها في التسوّل. تردّ النظرات بأخرى خجولة، كأنها تدرك رغم صغر سنها أنّ حالها تدعو إلى الخجل؛ فتراقب أطفالاً آخرين يهنأون بأكل البوظة والحلوى.
كُتبت روايات ومقالات وبورتريهات كثيرة عن زملاء لفاطمة، ولم يتغيّر شيء. فلماذا الكتابة إذاً عن تفاصيل حياتها التي يمكن أن تشبه إلى حد كبير برامج تلفزيونية تدفع المحتاج إلى البكاء أمام الكاميرات في الاستوديو لينال، عبر اتصال هاتفي، صدقة ما تساعده على الخروج من محنته.
بعيداً عن الاستوديو، حصدت السيدة هند رفيق الحريري لقب أصغر مليارديرة في لائحة نشرتها مجلة Forbes الأميركية عن أصغر أصحاب المليارات في العالم من النساء اللواتي تقل عمر الواحدة منهن عن 40 سنة. ويشير التقرير إلى أنّ السيدة هند تملك ملياراً ومئة مليون دولار أميركي، وأنّ ثروتها لعام 2007 انخفضت عما كانت عليه عام 2006 بنسبة 21%، أي إنّ ثروتها كانت تقدّر بمليار وأربعمئة مليون دولار.
مليار و100مليون دولار = 1650 مليار ليرة لبنانية. أي إن بإمكان المليارديرة الصغيرة تقديم مليارين و200 مليون كعكة «ناشفة».
إذا قررت السيدة هند فعل ذلك، فسنحتفل قريباً باليوم العالمي للكعك الناشف، الذي يمكن من خلاله جمع تبرّعات تعيد المليار والـ100 مليون دولار إلى صاحبتها.

نادر...