حسن فاخوريمناسبات كثيرة يذكر فيها ولاية الفقيه بالغمز، وتُلقى العبارات على عواهنها دون فهم أو دراسة. وهنا سأدلي بدلوي علناً، فالقضية هي أنّ شعباً ما ينتخب الخبراء الفقهاء للدراسة والتشاور، وهم الأعلم بالأحكام الفقهية والسياسية والاجتماعية. والفقهاء بدورهم ينتخبون القائد الفقيه، وهو يتحمل مسوؤلية البلاد أمام القانون، ويستطيع مجلس الخبراء عزله عن منصبه. ويجب أن يكون القائد قادراً على استنباط الاحكام منعاً للظلم والإجحاف، وأن يتحلى بالشجاعة واتخاذ القرار للذين استضعفوا في الأرض.
أمّا عدد مجلس الخبراء، فهو راجع لعدد قطاعات الدولة، ويعرف عنهم بالتدين والاجتهاد والسياسة بقضايا العصر، وليس لهم سوابق سيئة، ومشهود لهم بالمجامع العلمية: يخضعون للامتحانات، وبدورهم يعينون الولاية بأصوات الثلثين، علماً بأن القيادة واجب، والقائد مجبر على قبول قرار الخبراء، وهو الذي يعين السياسات والإشراف عليها. وهو يعيّن قيادة القوات ويعلن السلم والحرب والعزل وقبول الاستقالات وحل الخلافات، علماً بأنّ عليه قيوداً لأنه إنسان وله رغبات وميول، ما يؤدي الى تغلب النفس أحياناً بالإساءة للسلطة، فُوضعت له قيود ليتساوى مع أفراد البلاد أمام القانون، وبذلك يحق لمجلس الخبراء تنحيته، على اعتبار أن العصمة هي للنبي والاثني عشر والقائد مستخلف في الأرض لأداء الواجب.
ولا بدّ من أن أوضح شاناً تعوّدته العامة، وهو منصب الملك والإمبراطور والجمهورية والتوتاليتارية الشمولية والشيوعية من التاريخ الغابر، فما هي الضالة إن وجد وجه جديد من أوجه الديموقراطية، وشكل جديد من الحكم، وثمة شواهد كثيرة، في التاريخ ما دامت الغاية هداية الإنسان ورفاهيته ومنع الفساد والاستكبار؟ فالانتماء إلى ولاية الفقيه كالانتماء للبطريركية والبابوية والأزهرية والمكية. وصحيح أن هذه الفكرة استنبطها الإمام الخميني، ولكنها من صلب القانون لتمنع الاستبداد، ولن أطيل الشرح أكثر، لأن الإمامية هي العلم والتقوى والعدل حتى ينال درجة الاجتهاد والمرجعية. هل هذا انتقاص من الدولة؟ فليعطونا الأدلة، وإلّا فهذا الكلام هو مرض نفسي ببغائي.