هيثم خزعل«أكثر من سبعة آلاف حالة جديدة من مرض نقص المناعة المكتسبة تظهر سنوياً في المملكة المتحدة و 50% من هذه الحالات ناتجة من إصابة بالعدوى من مرضى هم في مراحل المرض الأولى». يبدو الرقم الذي أكدت أخيراً منظمة الإيدز البريطانية مستغرَباً في بلد هو من البلدان المتطورة طبياً. وتعزو المنظمة السبب إلى أن عوارض مشابهة لعوارض الزكام الحاد تظهر على أكثر من نصف المصابين، هكذا يتغاضى الأطباء عن البحث في إمكان إصابة هؤلاء بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV من قبل الأطباء.
ذكّرت المنظمة بمراحل تطور مرض نقص المناعة المكتسبة عند المصاب، في المرحلة الأولى تظهر عوارض الزكام، كالشعور بالإرهاق وارتفاع حرارة المريض ووجع الحنجرة والرأس والإصابة بنوع من الالتهاب. وهذا ما يجعل تشخيص المرض في المراحل الأولى صعباً. وفي بعض حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة لا يظهر على المريض أية عوارض
وفي المرحلة الثانية تختفي، وبعد عشر سنوات يظهر مرض السيدا قوياً فـ«نقص المناعة المكتسبة يعني أن فيروس HIV قد دمر جهاز المناعة، فتتراجع قدرة هذا الجهاز على حماية المريض من فيروسات أخرى». أي إن ضعف جهاز المناعة أو تراجعه يكون تدريجياً، ويصبح المريض عرضة للإصابة بأنواع من السرطانات والفيروسات الخطيرة.
ولفتت المنظمة إلى أن نسبة وجود فيروس HIV في دم المصاب ترتفع بشكل مخيف في الأسابيع الأولى من الإصابة. وفي هذه الفترة يكون احتمال نقل العدوى مرتفعاً. وهنا تكمن الخطورة، إذ يجهل المصاب بحالته الصحية ويستمر في ممارسة الجنس أو التبرع بالدم، وهذا ما يعرض الآخرين لخطر انتقال العدوى إليهم.
في السنوات الأولى من المرض يعمل جهاز المناعة طبيعياً، وتتناقص نسبة الفيروس في دم المصاب تدريجاً، وتختفي العوارض المشابهة لعوارض الزكام بعد أسبوعين من التقاط الفيروس.
وقد استندت المنظمة في تحذيرها إلى دراسة أجرتها جامعة برينغتون تفيد بأن 48% من حاملي الفيروس، وتبيّن أنالأطباء لم يشخصوا حالاتهم بشكل صحيح.
أشار المدير العام للمنظمة، جاك ديبورا إلى أن الأطباء غالباً ما يتغاضون عن عوارض الإصابة بالسيدا أو يغفلونها، وهذا ما يؤدي إلى معرفة المريض بإصابته في مرحلة متقدمة من المرض حيث تخف استجابته للعلاج، ويزيد خطر نقله للعدوى إلى آخرين.
الدكتور مارتن فيشر، من معدي الدراسة، وقد أشار إلى أن المرحلة الأولى من الإصابة قصيرة جداً، ولكنها تمثّل فرصة ذهبية لتحديد حالات الإصابة وبدء العلاج في مرحلة مبكرة. وشدد فيشر على ضرورة توسيع جعل الفحوصات لكشف السيدا إجراءً روتينياً، وذلك بواسطة تقنية الأليزا التي تثبت أن نسبة المضادات الموجودة في دم المريض، والموجهة إلى الفيروس كبيرة، وهي دليل على إصابة المريض. وتظهر نتيجة هذا الفحص خلال عشرين دقيقة. وثمة تقنية أخرى تعتمد على فحص عيّنة من دم المريض وتظهر نتيجتها في فترة تمتد بين أسبوع وأسبوعين.
من جانب آخر، أكدت دراسة نشرتها مجلة لانست البريطانية أن متوسط العمر المتوقع عند الميلاد بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بفيروس HIV ارتفع 13 عاماً منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي. وقد عزت الدراسة السبب إلى تطور طرق علاج فيروس نقص المناعة المكتسبة. ويتألف علاج مرض نقص المناعة المكتسبة من أدوية مضادة للفيروسات تتولى مكافحة الالتهابات من خلال العمل على تبطئة وتيرة انتشار الفيروس في جسم المريض. ويشار إلى أنه بدأ العمل بهذه الطريقة في التسعينيات، وقد أثبتت نجاعتها في إطالة عمر المريض.