عساف أبو رحالمن بركة مرج المنّ المحتلة عند الحدود مع الجولان السوري حتى بركة ريشا المحاذية للشريط الحدودي، يمتدّ حزام مائي ملازم للخط الأزرق الذي رُسّم بعد التحرير. بعض هذه البرك والينابيع صادرته قوات الاحتلال الإسرائيلي، فيما يقع الآخر تحت سيطرتها المباشرة.
مصادر المياه هذه كانت لعقود مضت، وتحديداً في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، عبارة عن مناهل صيفية اعتمدها الأهالي ورعاة المواشي في سقي قطعانهم وريّ بعض زراعاتهم، وشهدت آنذاك مشكلات عدة بين أهالي القرى القريبة منها على أحقية الاستفادة من مياهها، كانت تحلّ وفق القوانين السائدة المتعارف عليها من كبار السن الذين كانوا بمثابة مرجع قانوني آنذاك في ظل غياب خرائط المساحة والتخطيط.
بعد حرب عام 1967 بدأت عمليات الضمّ والاقتطاع لمزارع شبعا التي ذهب نتيجتها العديد من مصادر المياه، مثل بركة «مرج المن» المطلة على بلدة جباثا الزيت في الجولان السوري، وينابيع اللدان وبانياس التي ترفد نهر اليرموك. ومنذ ذلك الحين بقيت المنطقة عرضة للمدّ والجزر نتيجة الاحتلال، إلى أن جاء ترسيم الخط الأزرق تحت إشراف دولي وأتى ملازماً لهذا الحزام الممتدّ من ثلوج حرمون وبركة النقار قرب بلدة شبعا حتى بركة ريشا في القطاع الأوسط من جنوبي لبنان.
مصادر المياه هذه مثّلت محطات للمزارعين ورعاة المواشي، وكانت شاهداً على حلّ خلافاتهم، لكن قلة يعرفونها، وهي الممتدة من بركة مرج المن حتى بركة ريشا.
ـــ تقع بركة مرج المن في الطرف الشرقي لمزارع شبعا، وكانت تمثّل نقطة حدودية ومنهلاً للمياه، تستفيد منه قطعان الماعز دون البقر، مما جعلها نقطة خلافية بين الرعاة آنذاك وفق وثيقة مؤرخة في 16 شوال 1304 هجرية في «كتاب مزارع شبعا حقائق ووثائق» للنائب السابق منيف الخطيب، ومما جاء في الوثيقة إقرار الجميع بأن هذه البركة منهل للطرفين وليست لطرف دون الآخر، وهي بالتالي إحدى النقاط الحدودية المعروفة. شهدت سابقاً مشكلات عدة بين أبناء القرى القريبة والمجاورة. ومع احتلال المزارع باتت بركة مرج المن من الماضي، يأتي ذكر اسمها في معرض حديث قلّة من المسنين عن أيام زمان.
ـــ بركة النقار القريبة من بلدة شبعا والشاهدة على شريط من الأحداث مع الاحتلال الذي أقام شريطاً شائكاً خلفها بأمتار قليلة.
ـــ تتبع بركة بعثائيل بلدة كفرشوبا وتقع في خراجها الشرقي بمواجهة موقعَي الاحتلال في السماقة ورويسات العلم. شهدت في ستينيات القرن الماضي أعنف المعارك بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال للسيطرة على رويسات العلم، أعقبها مسلسل الضمّ والاقتطاع وإقامة الشريط الشائك الموجود حالياً على بعد أمتار قليلة منها، وعمل الأهالي على تدمير أجزاء منه بعد التحرير. تقوم بالقرب منها بوابة رئيسية مع المزارع استخدمها الاحتلال ممرّاً لقطع المدفعية والدبابات في اجتياح عام 1982، واليوم تقيم الكتيبة الهندية موقعاً لها يشرف على البركة ويعرف بـ«موقع البركة».
ـــ مياه الوزاني وروافد اليرموك: تُعدّ ينابيع بانياس واللدان محتلة منذ عام 1967، في حين أتاح التحرير إقامة محطتين للضخ على مياه الوزاني، الأولى تغذي قرية الوزاني، والثانية المعروفة باسم مشروع الوزاني وتغذي عشرات القرى الجنوبية، ويشهد مجرى النهر بين فترة وأخرى عمليات تسلّل لجنود الاحتلال، لتبقى المنطقة محط أنظار دولية ومحلية.


فصول من الصراع

تعدّ برك المياه هذه بمثابة شاهد على عدد من الأحداث، بدءاً من عام 1967، مع عمليات الاقتطاع الأولى لمزاراع شبعا. ففي حين باتت بركة «مرج المن» المحتلة من الماضي، أطلق اسم بركة النقار على موقع الطوارئ المحاذي لها وموقع مدفعية الاحتلال سابقاً، ثم حصلت عملية الأسر الأولى للمقاومة بعد التحرير.
أما بركة بعثائيل فشهدت أعنف المعارك بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال للسيطرة على موقع رويسات العلم. لكن المحطة الأهم كانت مع إعادة ترسيم الخط الأزرق الجديد من جانب فريق الهدنة التابع للأمم المتحدة في خريف عام 2000، ما رفضه الأهالي وعملوا على إزالته لتعدّيه على أملاكهم الممتدة خلف الشريط. وشهدت بركة ريشا جملة أحداث، منها تدمير جرافة إسرائيلية حاولت دخول لبنان أواخر عام 2003.