حلا ماضييدور رائد وسط غرفة الجلوس، يحيط به والداه وجدته وخالاته، يبدأ الصبي الذي يبلغ من العمر 16 شهراً بالغناء «تاطر تاطر»، فيعيد أفراد الأسرة كلمات الأغنية كما رددها هو، منذ مدة لم يغيّر الصبي من كلمات الأغنية، لم يعدّل شيئاً، لم يدرك بعد أن الكلمات هي «شاطر شاطر» كما تغنيها نانسي عجرم.
ثمة فرح كبير يعمّ أفراد الأسرة وهم يتابعون رائد يغني ويتلعثم في مخارج الحروف، ولا يتنبه أحدهم إلى ضرورة تصحيح هذا الأمر.
تبادر الأمهات في كثير من الأحيان إلى ترديد كلمات مغايرة لمعناها الأصلي أمام صغارهن، ظنّاً منهن أن ذلك سيسرّع عملية النطق لديهم، ويزيد من مفرداته وكلماته. وتتباهى الأمهات أمام أصدقاء بالكلمات المتلعثمة التي يرددها الأطفال ببراءة وبشيء من «الهضمنة»، وتخصص جلسات طويلة لتعبيرات الصغير، وتروح الأم تحثّ ابنها على أن يردد عباراته أمام الجالسين كأنه يقوم بعمل مهم.
يصل الأمر ببعض الأمهات أحياناً إلى اختصار حروف من الكلمات أو استبدالها بحروف أخرى، وتعتقد هؤلاء الأمهات أن هذا التصرف سيجعل الطفل يتعلّم الكلام. إلاّ أنهن مخطئات، فهن من خلال هذا التصرف يساهمن في تشويه لغة أولادهن والمفردات التي ينطقون بها، فالطفل يتعلّم الكلام أولاً من أمه وأبيه ثم من المحيطين بالعائلة.
من أبرز الأمثلة، ما يقوم به بعض الأهالي مجاراة لصغارهم، فيستبدلون كلمة شوكولا بـ«أوكولا» أو «توكولا»، وهو ما لا علاقة لها بالكلمة الأصلية. وإذا أرادت الأم إطعام ولدها تفاحة، تحاول أن تغريه فتردد أمامه هذه «آحة» أو «حاحا».
تنتقد الاختصاصية في تقويم النطق لدى الأطفال ربى خوري هذا التصرف المنتشر بشكل كبير بين الأهالي، وهي تشدد على أنه يجدر بأي والدين أن يلفظا الكلمة الأصلية بشكل واضح في كل مراحل عمر الطفل، وخاصة في فترة تعلمه النطق والكلام.
وتؤكد أن الكلمة، مهما كانت صعبة وطويلة، يجب أن تُلفظ أمام الطفل بشكل صحيح، لعل الوالدين يكرّران الكلمة مرات عدة حتى تترسخ في عقل الصغير، وتذكّر خوري أن الطفل يتعلم الكلام من خلال التقليد في بادئ الأمر.