إيلي شلهوب«نحن بلد يختلف عن البلد الذي كان في 10 أيلول. أصبحنا أكثر حزناً وأقل سذاجة، أشد قوة وأقوى وحدة، وأكثر عزماً وشجاعة». كلمات نطق بها جورج بوش مع إعلانه بدء الحرب على أفغانستان في تشرين الأول 2001، مؤكداً أنها ليست سوى «محطة البداية لعمليات أميركية حول العالم». رحلة طويلة عبرها سيد البيت الأبيض منذ ذلك الحين، صدق خلالها في نياتها، وإن أخفقت «عبقريته» وبصيرته في استشراف المستقبل. تحولت خلالها «السذاجة» إلى سمة طبعت ولايتيه، بحسب مساعديه الذين هجروا إدارته الواحد تلو الآخر. وتضعضعت فيها «القوة» في أزقة بغداد، وانهارت «الوحدة» في أروقة الكونغرس وصناديق الاقتراع. أما في ما يتعلق بـ«العزم والشجاعة»، فحدِّث ولا حرج، بدءاً من قبوله بـ«أفق عام للانسحاب» من العراق، إلى سعيه وراء مفاوضة إيران، مروراً بما جرى خلال الأشهر الماضية في كوريا الشمالية ولبنان وفلسطين.
مسيرة ظلت خلالها أفغانستان باكورة «إنجازاته» الحربجية، ومعها تنظيم «القاعدة»، هذا الشبح الذي يهدّد في كل لحظة بالثأر لاغتصابها مرة ثانية خلال 22 عاماً. مخاوف أثبتت السنون أنها لم تكن بلا أسس: استعادت حركة «طالبان» حيويتها، ومعها مساحات شاسعة من هذه البلاد حيث ازدهرت زراعة الحشيش مجدداً، مع ما يعنيه ذلك من أموال لتجنيد «المجاهدين».
عودة مدعومة بقاعدة خلفية في منطقة القبائل الباكستانية العصية، وبسيل من المقاتلين الأجانب، وفي مقدمتهم العرب، بلغوا مشارف كابول، حيث يبدو حميد قرضاي محاصراً، بضغوط أميركية بلا أدوات دعم عسكرية، وزعماء حرب بلا أمل بقبولهم يوماً رئيساً يحكمهم، وطموح لزعامة أبدية يدفعه إلى الارتماء في أحضان الباشتون، تلك الحاضنة الطبيعية لـ«المقاتلين الأعداء».
وضع يُجمع كل من في واشنطن، من بوش وأوباما وماكاين، على خطورته، وإن كانوا يختلفون في كيفية مقاربته، وبأي ثمن. كذلك حال أسامة بن لادن، الذي أفادت تقارير أميركية ومواقع «جهادية» بأنه أوعز قبل مدة بتجميع القوى في أفغانستان، بوصفها الجبهة المركزية للصراع، بعد فشله في بلاد الرافدين.
تبدو الساعة كأنها تعود إلى نقطة الصفر، والجميع يترقبون اللقاء المقبل... في كابول.