فرص عديدة أُعطيت لمنافسيه ولكن... «لا حول ولا قوّة إلا باللّه»نقاش دائم وطويل يدور بين أطراف الموالاة المسيحيين حول تراجع حجم التيار الوطني الحر. كل يصر على نهاية الحقبة البرتقالية، وإمكان استقطاب جمهور التيار وتكبيده خسائر في الانتخابات تعيد قائده إلى حجم تتمناه له الأكثرية النيابية
داني حداد
يقصد النائب ميشال عون أن يوحي لبعض زواره، وخصوصاً في زيارات عطلة نهاية الأسبوع بعيداً عن الأضواء، أن «الكلاب تنبح والقافلة تسير». فـ«صبحيات المناقيش» في الرابية تحضر فيها التشكيلة الحكومية والانتخابات النيابية كطبقين رئيسيين، حيث يحاول بعض الزوار أن يستشفّوا موقف الجنرال من الهجمات التي تشنّ عليه يومياً، وخصوصاً من مسيحيين في الأكثرية، فلا يغادرون الرابية إلا بعد أن يكونوا قد امتلأوا من فائض المعنويات الذي يملكه عون هذه الأيام.
وحين يُسأل الجنرال عن ردّه على التصريحات المشكّكة بحضوره المسيحي وشعبيّته وذهاب رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع إلى حدّ اعتبار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أكثر تمثيلاً للمسيحيين من عون، يشير إلى أنّه طلب من نواب تكتّل التغيير والإصلاح ومسؤولي التيّار عدم الرد على جعجع «لأنّه لا يستحقّ الرد».
ويلفت عون إلى أن نتائج استطلاعات الرأي التي تعدّها المراكز المتخصصة تشير إلى احتفاظ التيّار بشعبيّته المسيحية وتعزيز حضوره بعد اتفاق الدوحة. ويردّد مقولة سبق أن أعلنها في أكثر من مناسبة، وهي أن الناس، وإن شكّكوا في بعض المراحل بصوابيّة مواقفه، لا يلبثون أن يوافقوه الرأي عند الاستحقاقات المهمة.
ولكن لماذا تحوّل خطاب عون السياسي إلى خطاب مسيحي صرف، هو الذي أعلن أمام جمهور 7 أيّار 2005، تاريخ عودته من منفاه الباريسي: «إذا تحدثت طائفياً انبذوني»؟
يردّ أحد زوار عون المقربين منه بقوله: «إن الخطوة التي أقدم عليها عون بإعلانه وثيقة التفاهم مع حزب الله وتطوّرها لتصبح تحالفاً سياسياً وانتخابياً، بالتأكيد كانت لتقضي على أي سياسي مسيحي يقدم عليها، وخصوصاً بعد الحرب التي شهدها لبنان في تموز 2006، إلا أن غالبية الشارع المسيحي ظلّت متمسّكة بعون زعيماً لها وإن شهد هذا الشارع بلبلة ما نتيجة الحملات الإعلامية المنظمة».
يضيف: «يصرّ عون على الطابع الوطني لزعامته، وخصوصاً أنه خرج من مدرسة الجيش، لكنّه لم ينفِ يوماً أهميّة الحضور المسيحي اللبناني والمشرقي في صلب عمله السياسي، لا وبل منذ كان ملازماً في الجيش».
من هنا، يعتبر عون أن الإطلالات الإعلامية المكثفة والمنظمة لكل من رئيسَي حزب الكتائب أمين الجميّل والقوات سمير جعجع مردّها إلى «عدم قدرتهما على تحقيق خرق في جدار شعبية عون المسيحية، رغم أن ظروفاً كثيرة أتاحت لهما هذا الأمر، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله...».
وينقل زوار عون عنه ارتياحه إلى قدرته على تكرار الانتصار الانتخابي الذي حقّقه في عام 2005، وخصوصاً في أقضية المتن وكسروان وجبيل، واعداً بمفاجآت من العيار الثقيل ستصدم المروجين لتراجع شعبيّته.
وتشير المعلومات، على هذا الصعيد، إلى أن الخطوط العريضة للوائح عون في هذه الأقضية باتت مرسومة، حيث ستشهد تغييراً واضحاً مقارنة بلوائح الانتخابات الماضية.
وتتحدث المعلومات عن تغيير بنسبة خمسين في المئة في لائحة المتن، أما أبرز الأسماء المرشحة للانضمام إلى اللائحة العونية فهي رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود، الذي بات ترشحه شبه محسوم، ونائب رئيس الرابطة المارونية السفير السابق عبد الله بو حبيب الذي يرتبط ترشحه بالقرار الذي سيتخذه نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس حول المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في الانتخابات، بالإضافة إلى الفنان إلياس الرحباني عن أحد المقعدين الأرثوذكسيين.
أما كسروانياً، فالاتصالات باتت قريبة من مرحلة الحسم بين مقربين من عون والنائب السابق منصور غانم البون الذي ابتعد خطوات عن فريق 14 آذار مقترباً من الفريق المحسوب على رئيس الجمهورية.
المشكلة التي يعانيها عون هي كثرة الأسماء الطامحة للترشح على اللائحة التي سيترأسها، وهي، إضافة الى النواب الحاليين: النائب السابق فارس بويز ونعمة افرام، نجل الراحل جورج افرام، بالإضافة إلى البون...
كما بات محسوماً أن النائب السابق فريد هيكل الخازن لن يكون على «اللائحة البرتقالية» لأسباب عدة، منها عدم رغبة عون بوضع نفسه بين مطرقة علاقة الخازن المستمرة بالمسؤولين السوريين وترشحه السابق على لائحة الموالاة.
وتبدو اللائحة العونية في جبيل محكومة بالعلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعون، ويرجّح أن يراعي عون اختيار أسماء لا يعترض عليها سليمان.
وإذا كان النائب السابق عباس هاشم هو الثابت الوحيد على اللائحة الجبيلية، فإن بعض العارفين بأسلوب عمل سليمان يتوقعون تفضيله اختيار مرشح من مدينة جبيل على مرشح من عمشيت، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع حظوظ المحامي جان حواط على حساب النائب وليد خوري. ويجري البحث حالياً في أكثر من اسم لاختيار مرشح من منطقة أعالي جبيل.
قبل أقل من سنة على موعد الانتخابات، تتجه الترشيحات كي تكون أكثر وضوحاً، لكن الأسماء التي يتمّ تداولها في حديقة منزل النائب عون في الرابية قد لا تتّسع لها مقاعد البرلمان كلّها. أما عون نفسه فيبدو متفائلاً بأن كتلته النيابية المقبلة لن تتّسع لها قاعة الاجتماعات في الطبقة السفلى لمنزله.


منفردو المتن

لم يسبق أن فاز مرشح منفرد في انتخابات المتن النيابية منذ 1992. ترشح النائب الراحل البير مخيبر منفرداً عام 2000، ولكن تُرك له مقعد شاغر على اللائحة التي ترأسها النائب ميشال المر. أما النائب الراحل بيار الجميّل فترشح أيضاً منفرداً في الدورة نفسها، لكن اسمه ورد مطبوعاً على لائحة نسيب لحود. عدا هاتين التجربتين كان الرسوب من نصيب المرشحين المنفردين. عام 2005، كاد المرشح المنفرد سركيس سركيس أن يصنع المفاجأة. إلا أن بيار الجميّل تفوّق عليه وحال دون اكتمال المفاجأة. من هنا يتوقع ألا يكون عدد المنفردين كبيراً في استحقاق 2009 الانتخابي، لإدراك هؤلاء أنه ليس بالإمكان خرق إحدى اللوائح الأساسية في معركة قد تأخذ طابع كسر العظم.