السنيورة غير مرتاح وعون ينفي تلقّيه عروضاً جديدة ويتّهم دولاً إقليمية بالعرقلةلا جديد في الموضوع الحكومي سوى تشاؤم الرئيس المكلف والأكثريّة بإمكان تحقيق تقدّم يسمح بولادة حكومة الوحدة الوطنيّة خلال الأيام القليلة المقبلة، بينما يدرس رئيس الجمهوريّة «خيارات وأفكاراً» للضغط في هذا الاتجاه.
راوح الوضع الحكومي مكانه، وسط تساقط الصيغ المتداولة للخروج من المأزق، الواحدة تلو الأخرى، فيما بقيت خطوط الاتصال مقطوعة بين السرايا الحكوميّة والرابية وسط هجوم أكثري على المعارضة وتحديداً رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون. وكان البارز حكومياً ما نقله رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب روبير غانم عن رئيس الجمهورية ميشال سليمان من أنه «يدرس اقتراحات وأفكاراً عدة من أجل الضغط في سبيل الوصول إلى تأليف الحكومة». وأشار غانم إلى أن رئيس الجمهورية «لا يملك وفق الدستور ما يعطيه الحق في التصرف، ولكن تبقى له وسائل يمكن أن يعتمدها من أجل التسهيل وهذه ليست مسؤوليته وحده».
والتقى سليمان الرئيسين حسين الحسيني ونجيب ميقاتي، وزير الزراعة طلال الساحلي، النائب السابق حسن الرفاعي.
وأعرب ميقاتي بعد اللقاء عن اقتناعه بأن «الحكومة ستؤلف عاجلاً أو آجلاً»، وأوضح أنه طلب من رئيس الجمهورية «أن يكون الجيش اللبناني أكثر حزماً وتشدداً في معالجة المواضيع الأمنية لمنع أي محاولات للعبث مجدداً بأمن طرابلس وأبنائها».
بدوره، نقل الوزير الساحلي عن الرئيس سليمان تصميمه «على متابعة عملية تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن لأنها المخرج الوحيد لإعادة الوضع في البلد إلى نصابه الحقيقي، ولكي تعمل المؤسسات على مختلف الصعد».
وأعلن الساحلي أنه سيزور سوريا للقاء وزير الزراعة السوري للبحث في تصدير بعض المنتجات الزراعية، وخصوصاً البطاطا، ومسألة الترانزيت.

أمانة غالية لدى الرئيس المكلّف

وكان الموضوع الحكومي أيضاً محور لقاءات الرئيس المكلف فؤاد السنيورة في السرايا الحكومية، حيث نقل النائب السابق تمام سلام عن السنيورة عدم ارتياحه للواقع الذي يتطور، وقد مضى أكثر من شهر على محاولة تأليف الحكومة الجديدة، لافتاً إلى أنه لمس لدى الأخير أن التكليف أمانة غالية لديه، «ولن يقصّر في مستلزماتها ولن يتخلى عنها في أي وقت من الأوقات».
ورداً على سؤال عن تداول اسمه لتولّي حقيبة الداخلية، قال سلام: «سمعت ذلك مثلكم في الإعلام، ولكن في تقديري أن هذا الأمر هو جزء من عملية تأليف الحكومة، وعندما تستحق الأمور وتصل إلى خواتيم طيبة ربما نسمع شيئاً جدياً أكثر».
في غضون ذلك، نفى العماد عون أن يكون قد اطّلع من المسؤولين هاتفياً أو وجهاً لوجه على «الصيغة المطروحة في الصحف لتأليف الحكومة والتي تقضي بإعطاء «التيار الوطني الحر» نيابة رئاسة الحكومة وحقيبتي الاتصالات والأشغال، مقابل التخلي عن حقيبة الشؤون الاجتماعية»، ورأى في حديث إلى «إذاعة النور» أنه «إذا كان ثمة أحد يريد إطلاعه على هذه الصيغة فهو الرئيس السنيورة، أو على الأقل موفد من قبله».
واتهم عون «بعض الدول الخارجية الإقليمية بإعاقة تأليف الحكومة، بسبب امتعاضها من اتفاق الدوحة الذي شكل صفعة لها».
وسط هذه الأجواء، لفت الرئيس عمر كرامي «إلى تلقيه أخباراً من كل الجهات بأن الأمور ذاهبة إلى الحل». وأشار، بعد لقائه السفير الصيني ليو زيمينغ ووفدين من «تجمع العلماء المسلمين» و«المؤتمر الشعبي اللبناني»، إلى «أن خطورة البؤر الأمنية تتزايد يوماً بعد يوم، والحل هو بعدم المماطلة في تأليف الحكومة».
في المقابل، شنت الأكثرية حملة على عون متهمة إياه بعرقلة تأليف الحكومة بسبب مطالبه. فيما رأى رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية»، سمير جعجع، أن من حق العماد عون المطالبة بأن تكون حصته الشخصية في الحكومة «أكبر مما هو مطروح عليه، لكن عليه أن يطرح الموضوع كما هو عليه، فلا يدّعي أن هنالك انتقاصاً من حصة المسيحيين، فهذا الطرح غير صحيح لأن التوازن المسيحي ـــــ الإسلامي كما هو مطروح في تأليف الحكومة قائم إن على صعيد العدد أو نوعية الحقائب، ويعني أن حقيبتي الدفاع والداخلية ستكونان للمسيحيين من خلال حصة الرئيس (العماد سليمان)».
وتحفّظ جعجع، بعد لقائه سفير هولندا روبيرت زلدنرست، حيال المفاوضات التى جرت بشأن تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل في غياب الدولة اللبنانية.

إستبعاد التأليف قبل 12 تموز

ووصف وزير الشباب والرياضة، أحمد فتفت، العماد عون بأنه «العقدة الوحيدة في عملية تأليف الحكومة بشروطه ومطالبه التصاعدية»، مستبعداً أن يكون تاريخ الثاني عشر من الجاري تاريخاً نهائياً لتأليف الحكومة.
ورداً على سؤال عن عرض نقل إلى الرابية يقضي بإعطاء العماد عون وزير دولة والسماح بإبداء رأيه بوزير الأشغال، أعرب فتفت عن اعتقاده بأن «هذا الكلام لا يطابق تماماً ما يجري»، مفضلاً «أن تبقى المداولات بشكل... لا أقول سري، بل جدي».
ورأى النائب محمد الحجار «أن قوى المعارضة مستمرة في سياسة تعطيل انطلاقة العهد الرئاسي الجديد من خلال عرقلة تأليف الحكومة ومن خلال التوتر الأمني في المناطق المختلفة، في محاولة لاستثمارها سياسياً والحصول على مكاسب في الحكومة وفرض أمر واقع على اللبنانيين»، لافتاً إلى «أن قرار قوى 14 آذار مجتمعة يصبّ في إطار التهدئة».
من جهة أخرى، رد النائب هادي حبيش على العماد عون، مشيراً إلى «أن المواقف التي أدلى بها أخيراً على إحدى الشاشات والتي علّق فيها على مواقف العماد عون وتكتله السياسي لجهة عرقلة تأليف الحكومة هي مواقف سياسية بحتة»، متمنياً على العماد عون «إن أراد الرد على أحد في المرة المقبلة، أن يرد عليه بالسياسة، لا أن يتطاول على المناطق التي يمثلها كما تطاول العماد عون على بلدة القبيات ومنطقة عكار».
وردّت هيئة القبيات في التيار الوطني الحر، متمنية لو أن النائب حبيش كان «مؤثراً في فريقه السياسي لنتوجه إليه بالشكر على موقفه من إعطاء حقيبة سيادية لتكتل التغيير والإصلاح. وإن حرصه الزائف على حقوق كتلة العماد ميشال عون، أكبر كتلة نيابية مسيحية، عليه أن يترجمه تأييداً لتحصيل حقوق المسيحيين وممثليهم بحقائب وزارية أساسية».
وذكّرت الهيئة حبيش «بأن للعماد عون في تمثيل بلدة القبيات أضعاف ما لسعادة النائب من تمثيل في بلدته، وهي (أي القبيات) موجودة دائماً في صلب اهتماماته وعنده لأبنائها كل احترام وتقدير».