شهدت السنوات الماضية خلافات عديدة بين أهالي منطقتي بشري والضنية على استغلال مياه قمة القرنة السوداء. وأول من أمس تناقلت وسائل إعلام أخبار الاشتباك الذي وقع في منطقة القرنة السوداء بين مجهولين وعناصر قوى الأمن الداخلي. وفيما أصرّ الأهالي على ضرورة حل الموضوع بسرعة، استمر الخلاف من جهة أخرى على أحقية «من يستغل مياه القرنة السوداء».الحادثة وقعت أول من أمس عندما تعرضت دورية من مخفر الأرز ودورية من شرطة بلدية بشري موضوعتين بتصرف آمر فصيلة بشري لإطلاق نار كثيف من مجهولين، لدى وصولهما إلى طريق ترابية في القرنة السوداء، أثناء قيامهما بمهمة، أصيبت خلاله آلية المخفر بأربع طلقات نارية، كما أصيبت آلية بلدية بشري بعدد كبير من الطلقات أدت إلى جرح شرطي من البلدية. وذكر عدد من أهالي بشري لـ«الأخبار» أن الدورية كانت متوجهة «لنزع أنابيب المياه التي كان أهالي الضنية وضعوها للاستفادة من مياه الثلج الذائب في القرنة السوداء لري مزروعاتهم، باعتبارها تعديات». وذكر مصدر مطّلع على أوضاع المنطقة أن من أطلق النار على الدوريتين هم «مسلحون من الضنية».
عضو بلدية بشري غازي جعجع تحدث لـ«الأخبار» وأشار إلى أن أية نقطة في لبنان فوق علو 800 متر هي للدولة لا يجوز لأحد امتلاكها. وأوضح أن هذه المياه يجب أن تكون للجميع، لافتاً إلى أن البعض يقوم منذ عام 1990 بتعديات، واضعاً أنابيب لسحبها، ووصل الأمر إلى استقدام جرافات لتحويل مسار المياه، مما يؤثر سلباً على بشري. وفيما أكد جعجع على حسن الجوار مع أهالي الضنية، شدد على ضرورة إزالة هذه التعديات. كما أشار إلى أنه منذ عام 2004 يُضغط على الدولة للبدء بمشروع بناء بركة اصطناعية كانت قد وضعته لحل مشكلات الضنية وتأمين مياه الري لأراضيها. وأكد أن الهدف هو عدم احتكار المياه من أيّ طرف وتركها تسير في مجراها الطبيعي ليستفيد الجميع منها، مشدداً على أن أهالي بشري لا يرغبون بأذية أحد أو منع المياه عن أحد.
في المقابل، أكد رئيس بلدية بقاعصفرين عمر طالب لـ«الأخبار» أن القرنة السوداء «تقع ضمن ضمن نطاق بلديته، ويتشارك مشاعها وجوارها مع بلديات أخرى في الضنية». وأوضح أن «أهل بشري جيران لنا، وكل مشكلة مماثلة وقعت في السابق كنا نجد لها مخرجاً، إلا أننا نؤكد أننا لا نريد في الموضوع أكثر من حقنا، والحفاظ على «حق الجيرة» بيننا وبينهم، وأن لا يعتدي أحد على الآخر، لأن ذلك غير مقبول».
وإذ لفت طالب إلى أن «الشهر الماضي شهد مشكلات عدة، وإطلاق رصاص وتهديدات تعرّض لها أهالي منطقتنا»، أشار إلى أن السنة الماضية «شهدت اجتماعاً بهذا الخصوص في السرايا الحكومية، حضره رؤساء بلديات المنطقتين ونوابها، واتُّفق فيه على أن يتحرك كل طرف ضمن نطاق مشاعه الإداري، وأن لا يعتدي على الطرف الآخر، إلا أن ذلك الاتفاق لم يُلتزم به من جانبهم». من جهتهم، أكد عدد كبير من أهالي الضنية أن «أنابيب المياه التي توضع قرب تلال الثلج (الثلاجات) في محيط القرنة، لجر المياه التي تذوب منها لريّ مزروعاتهم، موجودة منذ أكثر من 25 سنة، ولم تمثّل أي مشكلة لأحد»، محذرين من أن أي محاولة «لوضع اليد على القرنة لأهداف سياسية أو اقتصادية أو سياحية أو غيرها لن تمر».
(الأخبار)