رامي زريقما إن أعلنت الحكومة إلغاء برنامج دعم الصادرات الزراعية Export Plus حتى تحرك الشعور الزراعي عند العديد من السياسيين المنتمين لأطراف متنازعة من المعارضة والموالاة ومن القابعين بينهما. تصاعدت الأصوات وارتفعت الاحتجاجات وعقدت الاجتماعات الوزارية والنيابية إلى أن توصل الفرقاء إلى الإعلان عن نيّة الحكومة المقبلة التراجع عن هذا القرار المجحف بحضور الوزير الذي كان قد أوصى بإلغاء البرنامج. فها نحن في عالم الفراع، لا نعلم شيئاً عن مكوّنات الحكومة المقبلة وعن برنامجها الاقتصادي والسياسي ولكننا نعلم أنها ستتخذ قراراً يلغي قراراً سابقاً يمسّ بالقطاع الزراعي. يا للدهشة! هل نحن حقاً عند نقطة تحوّل في أولويات الدولة اللبنانية؟ وهل ستكون حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة إنعاش الريف والفلاحين؟
لنذكّر ما هو برنامج دعم الصادرات الزراعية: إنه برنامج يدعم مادياً شحن البضائع الزراعية التي تستوفي شروط النوعية في البلد المصدر اليه. يهدف البرنامج إلى التشجيع على اعتناق زراعة خدماتية هدفها تصديري، على أن يبيع التجّار في الخارج أفضل المنتجات. ولقد استفاد عدد من كبار التجار والمنتجين من ملايين الدولارات التي صرفها هذا البرنامج، فيما بقي المزارع الصغير، الذي لا يستطيع أن يستوفي شروط التصدير والذي يعاني من غياب الإرشاد الزراعي ومن شحّ الإمكانات المادية ومن صعوبة إيجاد أراضِ يزرعها ومياه يروي بها محصوله، بعيداً عن تلك الأرباح.
برنامج يموّله المال العام، يدعم التجار والأغنياء وأصحاب الحيازات الزراعية الكبرى: أليس هذا بسبب كافٍ لتلتقي المعارضة والموالاة على حمايته، مجسدّين بذلك المعنى الحقيقي للوحدة الوطنية؟