جنبلاط: إما أن تستوعب الدولة حالة «حزب الله» تدريجاً أو العكسبالرغم من عدم رد كتلة «التغيير والإصلاح» على العرض الأخير لرئيس الحكومة المكلّف بشأن حصة التكتل في الحكومة، أشاعت قوى الأكثرية جوّاً من التفاؤل بإمكان التوصل إلى اتفاق قبل سفر رئيس الجمهورية إلى باريس
أحدثت المواقف الأخيرة للأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، خرقاً في جدار الأزمة، ما أشاع أجواءً إيجابية في الوضع السياسي العام ينتظر أن تنعكس على الصعيد الحكومي.
هذه الأجواء خرج بها زوار رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، الذي واصل لقاءاته، في إطار الاتصالات الجارية للوصول إلى تأليف الحكومة الجديدة. وفي هذا السياق، استقبل الرئيس سليمان النائب السابق الدكتور غطاس خوري، الذي أوضح أن زيارته هي «استكمال للقاء الذي جرى بين رئيس الجمهورية والنائب سعد الحريري»، واصفاً الأجواء المحيطة بتأليف الحكومة بـ«الإيجابية والمشجعة»، متوقعاً ولادتها «قبل سفر الرئيس سليمان إلى باريس في الثاني عشر من الشهر الجاري». ونفى وجود خلافات بين مسيحيي قوى الرابع عشر من آذار، معتبراً ما ورد في المؤتمر الصحافي للأمين العام لحزب الله بأنه «نفَس جديد وإيجابي».
وعن إمكان حصول لقاء على مستوى قيادتي تيار المستقبل وحزب الله، أوضح «أن الأولوية الآن للحكومة، وكل شيء وارد بعد تأليفها على صعيد اللقاءات».
ونقل وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، جان أوغاسبيان، عن رئيس الجمهورية اطمئنانه وترحيبه بالمواقف المنفتحة التي صدرت خلال اليومين الماضيين، مشيراً إلى أنه يقوم بكل مسعى وجهد لإرساء مناخ من التفاهم والتواصل. كما نقل عنه الوزير السابق عبد الله الأمين ارتياحه لتجاوب الأفرقاء السياسيين مع الجهود التي يبذلها، توصلاً إلى تأليف الحكومة. وقال: «إن رئيس الجمهورية يرى أن الطريق بدأ ينفتح طبيعياً لتحقيق هذه الغاية، وأن ما بقي من قضايا عالقة بات في طريقه إلى الحل».
من جهته، رأى وزير السياحة، جو سركيس، بعد زيارته قصر بعبدا «أن المطلوب أن يتفق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على التشكيلة التي يجدانها مناسبة، آخذين في الاعتبار مضمون اتفاق الدوحة والتمثيل الصحيح والعادل لجميع الأفرقاء السياسيين، وليتحمل المسؤولية كل من لا تعجبه التشكيلة المقترحة».
من جهة أخرى، تابع الرئيس سليمان المراحل التي قطعتها التحضيرات الجارية لإنجاز خطوة تحرير الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية. وأجرى اتصالاً هاتفياً بالبطريرك الماروني نصر الله صفير، هنّأه فيه بإعلان الفاتيكان البطريرك الراحل إسطفان الدويهي مكرَّماً، كذلك تمنى الرئيس سليمان للبطريرك صفير، التوفيق في الرحلة التي يعتزم القيام بها ابتداءً من اليوم إلى أوستراليا.
والتقى الرئيس سليمان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، الأمين التنفيذي لـ«الاسكوا» بدر عمر الدفع، على رأس وفد ضم كبار المسؤولين في المنظمة.

انتظار متبادل بين السرايا والرابية

وعلى الصعيد الحكومي، بدا أن السرايا الكبيرة والرابية تنتظر كل واحدة منهما رد الأخرى على اقتراحاتها بشأن توزيع الحقائب. وفي هذا الإطار أعلن عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أن ما تتناقله الصحف عما تقول إنها طروحات نقلها مستشار رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، السفير محمد شطح، إلى رئيس التكتل العماد ميشال عون ليس دقيقاً، متسائلاً لماذا لا يعلن شطح بنفسه مضمون طرحه المقدم إلى عون.
وأكد نقولا أن العماد عون لا يملك رداً على أي اقتراحات، فهو بانتظار أن يرد السنيورة على ما اقترحه هو عليه، ووصف الحقائب التي يتم تداولها بشأن حصة «التيار الوطني الحر» في الحكومة، أي الطاقة والأشغال العامة والاقتصاد بالمحرقة.
وجدد البطريرك صفير خلال حديث خاص لمديرة البرامج في إذاعة «صوت لبنان»، الزميلة وردة الزامل، التي وجهت إليه دعوة للمشاركة في حفل توقيع كتابها الجديد، بعنوان «هذا صوتي»، «انتقاده لـ«تناتش» الحصص، بحيث يحاول كل مسؤول أن يأخذ أكبر حصة ممكنة، وهذا ليس دليل وطنية صادقة»، معتبراً «أن هناك تدخلات خارجية». ودعا «أهل البلد إلى ضبط هذا التدخل»، وشدد على «ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة الجديدة، لأن الشعب لم يعد يحتمل هذا التباطؤ وكفر بما يحصل».
ورأى أن الإفراج عن الأسرى «دليل على بدء التفاهم ليعيش الناس بوفاق وسلام وتعمّ المصالحة بين جميع الدول لأننا دعاة سلام». ورفض إبداء رأيه باللقاء الوطني المسيحي الذي سيعلن اليوم.

انقلاب في المناخات والأمزجة

في غضون ذلك، رحبت الأكثريّة بمواقف السيد نصر الله الأخيرة، ولاحظت مصادر حكومية بارزة أن كلام السيد نصر الله تضمن جملة من النقاط المهمة ينبغي التوقف عندها، تمثل أبرزها في الحديث عن دور الأمم المتحدة في مسألة تحرير مزارع شبعا، وحديثه عن موضوع سلاح حزب الله وطرق التعاطي معه وإشارته إلى الانفتاح على لقاءات مع كل الأطراف والقوى السياسية. ورأت أن كلام السيد نصر الله قد يكون فتح كوّة كبيرة للولوج منها إلى الحوار بشأن المسائل الجوهرية في جو رحب ومتعاون.
وتوقفت المصادر أمام كلام السيد نصر الله عن موضوع مزارع شبعا، معتبرة أن هذا الكلام يدخل النقاش إلى الموضوع الفعلي بخصوص مزارع شبعا، مما يعني أن حزب الله مستعد لأن يتعاون بكل الوسائل لإنجاح هذا الاحتمال مع ما يتطلبه من جهود وتسهيلات، وهذا يشكل تقدماً كبيراً على هذا الطريق الذي يمكن أن يوصل البلاد نحو إخراج الاحتلال الإسرائيلي من تلك المزارع».
وعن كلام السيد نصر الله عن السلاح، رأت المصادر «أن أهمية هذا الكلام تكمن في استعداد حزب الله للمشاركة والتشارك مع بقية اللبنانيين في النقاش في كيفية حماية لبنان والدفاع عنه، وهذه نقطة هامة في سياق نقاش الأدوار والاستراتيجيات والمستقبل المطروح على لبنان وطرق مواجهته».
ووصفت المصادر كلام السيد نصر الله عن انفتاحه على اللقاءات مع باقي الأطراف وبلسمة الجراح بأنه «كلام مهم، نحن من جهتنا نؤيده ونشجع عليه، وخصوصاً أن البلاد مقبلة على انبلاج فجر حكومة وحدة وطنية ستكون مناسبة طيبة للتلاقي والتعاون وكذلك التحاور حول مختلف القضايا، بما في ذلك الانخراط في حوار بين الجميع برعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان».
من جهته، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الاشتراكية الدولية الذي انعقد في اليونان أنه «إما أن تستوعب الدولة اللبنانية حالة حزب الله، من خلال الحوار طبعاً، وتدريجاً، أو العكس وهذا يعني نهاية هذا النموذج التعددي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط»، مؤكداً أن الحوار السلمي وحده «المدخل لحل المشاكل بين مختلف الأفرقاء في لبنان».
ورأى أنه لا يمكن الوصول إلى شروط تطبيع العلاقات اللبنانية ـــــ السورية «بدون موافقة النظام السوري أو اعترافه القاطع بالكيان والاستقلال اللبناني، وهذا عبر إقامة علاقات دبلوماسية وعدم التدخل في الشأن اللبناني. ومن جهة أخرى يفترض أيضاً الوصول إلى تحديد وترسيم الحدود لمزارع شبعا، كي تصبح هذه الأرض تحت السيادة اللبنانية».
ورأى أن هدف المحكمة الدولية «الوصول إلى العدالة»، وإلى جانب ذلك «يجب أن تكون مدخلاً لوقف العنف السياسي والاغتيال السياسي». وقال: «لهذا، فإذا كانت هذه المحكمة تتعرض لمساومة سياسية، من بعض الدول الإقليمية وغير الإقليمية، فهذا يعني الإخفاق المطلق للأمم المتحدة، وللمجتمع الدولي في درء الاغتيال السياسي».
من ناحيته، لفت وزير الاتصالات مروان حمادة في حديث إلى «صوت لبنان» إلى حصول «انفراج كبير جداً على الساحة المحلية، وأكاد أقول إن هناك انقلاباً في المناخات والأمزجة الوطنية عند كل الأفرقاء منذ ست وثلاثين ساعة»، مشيراً إلى أن «ما نراه اليوم هو فعلاً تهيئة الأساس الذي من الممكن أن نبني عليه مبنى حكومياً متماسكاً إلى حد بعيد».
وأمل وزير الشباب والرياضة، أحمد فتفت، بعد لقائه رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، الذي التقى أيضاً القائم بالأعمال القطري في لبنان أحمد الكواري «أن يكون هنالك تطورات إيجابية على صعيد تأليف الحكومة لأن المفاوضات تجري بين المعارضة والموالاة حول توزيع الحقائب». واستغرب رفض الاعتذار لأهالي بيروت وطلب الاعتذار من المقاومة.
في مجال آخر، شجب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى التوصية البريطانية بوضع المقاومة على لائحة الإرهاب
فيما رأى المرجع السيد محمد حسين فضل الله «أن المقاربة البريطانية الأخيرة لمسألة الإرهاب، التي تضع المقاومة في لبنان في خانة المنظمات الإرهابية، تنطلق من الجذور الاستعلائية التي تضع الغرب في الموقع الذي يخوّله إصدار أحكام جاهزة على شعوبنا وقوى التحرر عندنا».

تسليم وتسلّم لقيادة «القومي»

على صعيد آخر، جرى أمس حفل تسليم وتسلّم بين الرئيس المنتخب للحزب السوري القومي الاجتماعي، أسعد حردان، والرئيس السابق علي قانصو في قاعة الشهيد خالد علوان.
وألقى قانصو كلمة، استغرب فيها «لماذا قرأ البعض مجيء أسعد حردان إلى رئاسة الحزب على أنه إعلان حرب»، مؤكداً أن الحزب «هو حزب سلام» وأن «حرب الحزب الدائمة هي حربه ضد العدو اليهودي وليس لنا من عدو إلّاه، كما أن المواجهة الدائمة التي يخوضها الحزب منذ تأسيسه هي بوجه كل ما يفجر وحدة المجتمع ويهدد سلامه وسلامته، وفي الطليعة العصبيات المذهبية والطائفية، لكنها مواجهة مدنية، ثقافية وسياسية».
ثم ألقى النائب حردان كلمة أعلن فيها الخطوط العريضة لخطة الحزب السياسية، وحيا الأسرى «الذين سنستقبلهم محررين بيننا في الأيام المقبلة». وهنأ «شعبنا كله بهذا الإنجاز الذي حققته المقاومة تنفيذاً للوعد الذي قطعه السيد حسن نصر الله»، مؤكداً «أن هذا الإنجاز نصر يضاف إلى انتصارات المقاومة وهو مدعاة اعتزاز وطني وقومي، وقيمته التعبيرية أنه ثمرة نضالات شعبنا ومقاومينا، وهو يرمز إلى استعادة الحق وانتصار معادلة المقاومة».
وتطرق إلى الوضع الداخلي، مؤكداً «أن قضيتنا في لبنان ليست قضية تأليف حكومة، بل هي قضية شعب، قضية أمة. إنها ليست مسألة وزير يتسلّم هذه الحقيبة أو تلك، بمقدار ما هي مسألة موقف لبنان وموقعه وقراره وخياراته الاستراتيجية. إنها مسألة انتمائه وتوجهاته وبوصلته القومية»، ودعا إلى تنفيذ
اتفاق الدوحة كاملاً.
وأعلن أن الحزب في صدد تشكيل لجنته التحضيرية لعقد المؤتمر التأسيسي للتيار اللاطائفي الضامن للسلم الأهلي وللمقاومة، داعياً «النخب الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، المؤمنة بالوحدة الاجتماعية والسلم الأهلي، ليكونوا معه في هذا المشروع الوطني الجامع».
وبرز على الصعيد السياسي زيارة غبريال المر، أمس، مقر حزب الطاشناق في برج حمود.
وبعد اللقاء، قال المر «كان من واجبي أن آتي وأقف على خاطر هذه القيادة، ربما لتصحيح هفوة وقعت، فأوصلت الرسالة بأن هذه الهفوة إنما هي غيمة مرّت مروراً سريعاً».


سيسون: اتفاق الدوحة سيأتي بالمصالحة

أحيت السفارة الأميركية في لبنان، أمس، الذكرى الـ232 لاستقلال بلادها، في احتفال أقامته في مقرّها في عوكر. وذكر بيان للسفار أن القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون رحبت بأكثر من سبعمئة ضيف في مقر السفارة للاحتفال بهذه المناسبة.
أضاف البيان: «وتقديراً للتعاون المستمر بين الحكومة الأميركية والشركاء القادمين من مختلف أنحاء لبنان والعاملين في مجال التنمية، وجّهت السفارة الأميركية أيضاً دعوات إلى شخصيات تعمل مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) وبرنامج مبادرة الشراكة الشرق أوسطية ومكتب الدبلوماسية العامة، على مشاريع عدة كتطوير المؤسسات الصغيرة والإصلاح الانتخابي والتدريب على القيادة».
وتحدثت سيسون عن مساعدة المهاجرين اللبنانيين في بناء الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدة أن العلاقات لا تزال وثيقة جداً بين الولايات المتحدة ولبنان. وقالت: «إننا نتطلّع قدماً للعمل يداً بيد مع فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان والحكومة الجديدة في السعي نحو قيمنا المشتركة بالحرية والاستقلال. ونحن متفائلون بأن اتفاق الدوحة سيأتي إلينا بعصر جديد من المصالحة السياسية ليستفيد لبنان وشعبه». وكانت سيسون زارت الرئيس سليمان، وأعلمته بأنها ستغادر قريباً إلى واشنطن للإدلاء بشهادتها أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي تمهيداً لتثبيت تعيينها سفيرة لبلادها في لبنان. والتقت سيسون أيضاً رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة والنائب سعد الدين الحريري في قريطم.