طرابلس ـ عبد الكافي الصمدرغم أن خطوط المواجهة على جبهة باب التبانة ــــ جبل محسن قد هدأت نسبياً في الأيام الأخيرة، وعادت الحركة في الشوارع إلى الحد الأدنى من طبيعتها، وإن بقيت أغلب المحال التجارية على خطوط التماس مقفلة، مع عدم عودة القسم الأكبر من النازحين من مناطق المواجهات إلى بيوتهم إلا بشكل خجول، فإن تبادل التهم بين المتصارعين بقي على حاله، مصحوباً بموجات شائعات.
فمع استمرار وقوع حوادث أمنية متفرقة في المنطقتين، مثل رمي بعض القنابل اليدوية، وإطلاق الرصاص الذي يؤدي أحياناً إلى إصابات، حتى بات هذا المشهد اليومي عادياً، انتقل الصراع إلى ساحة التراشق السياسي وتبادل الاتهامات بشأن تورط هذا الطرف أو ذاك في الاشتباكات الأخيرة، مما جعل التوتر ينتقل من الصعيد الأمني إلى الصعيد السياسي، مع بقاء الملف الأمني مفتوحاً على كل الاحتمالات.
فقبل أيام، تناقلت بعض وسائل الإعلام تصريحات مصادر فرنسية أفادت بأن «باريس طلبت من دمشق سحب عناصر استخبارات تابعة لها من منطقة جبل محسن»، وأنها «اشترطت أن يحصل ذلك قبل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى فرنسا في 12 الجاري»، وهو ما نفاه الحزب العربي الديموقراطي، وأبدى استغرابه له.
آخر هذه الشائعات طاولت مسؤول العلاقات العامة في جبهة العمل الإسلامي، ومسؤول اللجنة المشتركة بين الجبهة وحزب الله، محمود البضن «أبو الحسن»، بعدما نشر موقع إيلاف الإلكتروني ووسائل إعلام محلية (تلفزيون أخبار المستقبل)، أنه «مسؤول عن نقل سبعين مقاتلاً من حزب الله من منطقة البقاع إلى منطقة جبل محسن في طرابلس، وهؤلاء المقاتلون هم الذين أشعلوا المعركة ضد باب التبانة»، مما دفع الجبهة إلى الإعلان أن «هذا الخبر عار من الصحة تماماً، وأن المقصود به إخفاء حقيقة ما جرى ويجري من حوادث مؤسفة، وحقيقة الجهات المسؤولة عنها، والجهات الممولة والمحرضة»، مؤكدة على «زيف المطبّلين والمزمّرين من رموز السلطة والموالاة، ومن رموز تيار المستقبل ونوابه، الذين استعملوا وما زالوا أبشع وأفظع وأخطر سلاح، ألا وهو سلاح الفتنة المذهبية».
ورأى المكتب التنظيمي في حركة التوحيد الإسلامي ــــ مجلس القيادة (جناح هاشم منقارة) أن «اللجوء لأخبار ودسائس كهذه إنما هو للتلطي خلف العجز الواضح الذي ظهر في الحوادث الأخيرة التي شهدتها طرابلس»، مشيراً إلى أن الهدف من اتهام البضن هو «نوع من أنواع الهرطقة السياسية، ووسيلة من وسائل تيار المستقبل وإعلامه المسموم».
البضن قال لـ«الأخبار» : «إننا مستهدفون منذ البداية، وقد أشيع أن مناصري الجبهة هم من يفتعل المشاكل في باب التبانة، بعدما استهدفوا رئيسها الداعية فتحي يكن ونعتوه بأبشع النعوت، وطعنوا بسنّيتنا لتشويه رموز الجبهة، كما طاولت الاتهامات والتهديدات نائب رئيس الجبهة الشيخ عبد الناصر جبري، وغيره، وقالت إننا نسلّح بعض الناس».
وأشار إلى أن «هناك تسريبات أمنية متبادلة في الساحة الإسلامية، وتحديداً ضدها وضد السلفيين، من أجل كشفنا أمنياً، وإدخالنا في صراعات داخلية»، مشيراً إلى أن تيار المستقبل «متضايق من وجود سنّة في المعارضة، ورفضهم مبايعته».
إلا أن البضن أكد أن «الصراع بين باب التبانة وجبل محسن أمني، وليس سياسياً أو مذهبياً، وتديره قوى أمنية من أجل توريط رموز إسلامية في قضايا أكبر منهم، مثلما حدث في الضنّية ومخيم نهر البارد، وتوظيف ما يحصل أمنياً وسياسياً لمصلحة جهات معينة».
في المقابل، أكد مصدر في جبهة العمل «وجود إشارات على استهداف الجبهة؛ فقبل أيام وُزّع بيان يتوعد 28 شخصية سنية بالانتقام، بينهم الشيخ جبري»، مشيراً إلى أن «استهداف الجبهة هو لكشف أعضائها أمنياً، وأن يصبحوا عرضة لاستهداف معين من الجو السنّي المشحون مذهبياً بفعل الحوادث الأخيرة، مثلما حصل مع عضو الجبهة في المنية الشيخ أحمد الغريب، وتعرض شباب الجبهة في عكار لضغوط».
ولفت المصدر إلى أن «استبعادنا وحدنا من بين كل أطراف الساحة الإسلامية عن اللقاءات التي عقدت أخيراً بدعوة من المفتي مالك الشعار، يصب في هذا الإطار».
وشدد المصدر على «وجود خطة دفاعية عندنا، فنحن لن نبادر إلى الهجوم، ولكن لن نسمح لأحد بأن يستهدفنا. وإذا اعتدي علينا بطريقة من الطرق فلن نسكت، بل سنرد بقسوة، وفي أماكن يعرفونها جيداً».