فداء عيتانيتجرّ القوى العلمانية نفسها بتثاقل. هي تبحث عن مكان لها في وسط التيارات الطائفية والمزارع التي سيطرت عليها الميليشيات، وتلك الحديقة الكبيرة للحيوانات المسمّاة الدولة في لبنان، تجرّ القوى العلمانية نفسها في البحث عن مرقد لعنزتها، علماً بأن هذه البلاد محكومة بالمثل الفاجر: «كل عنزة معلّقة بكرعوبها». تستجدي القوى العلمانية اليوم المواقع والنفوذ من القوى الطائفية، وتلتحق هنا وهناك بمشاريع لا ناقة لها فيها ولا جمل، مشاريع صغيرة قد لا تتعدّى نطاق محافظة أو قضاء من الأقضية، بعدما كانت في أزمنة سابقة تحلم بمشاريع لا يسعها الهلال الخصيب، ولدى قوى أخرى لا يتسع لها كوكب الأرض. بحثاً عن نائب أو رئيس بلدية، تعتقد هذه القوى أن بإمكانها الركون إلى القوى المذهبية، وأن المعارضة ستقوم بما سبق أن قامت به الموالاة من تنصيب نائب عن اليسار تقديراً لدوره في خدمة المشروع الطائفي. تنتظر القوى العلمانية مكافأة على حسن السيرة والسلوك، ويرفض عدد من القوى المعارضة أداء دور رافعة لمن لا أقدام لهم ليقفوا بأنفسهم دفاعاً عن مصالح من يمثّلون. إنها المزرعة اللبنانية.