جعجع يحدّد 5 أيام للمشاورات وعون يسأل: ماذا كانوا يفعلون في 35 يوماً؟لا يزال الجمهور بانتظار سماع صافرة انتهاء تصفيات فريق الموالاة، في مرحلة ما قبل نهائي بطولة حكومة الوحدة، التي يتابعها فريق المعارضة من المدرجات، بعدما دخل في فترة راحة قبل الانتقال إلى نهائي البيان الوزاري
باتت الحكومة العتيدة في عهدة استحقاقين: الأول هو إعلان نتائج الامتحانات التي أجراها الرئيس المكلف فؤاد السنيورة لمرشحي المعارضة، والثاني هو معرفة أسماء «طلاب» الأكثرية الذين لن يخضعوا ـــــ على الأرجح ـــــ لامتحانات مماثلة، لأنهم يعرفون الأسئلة مسبقاً، مع ما يعنيه ذلك، من إعادة دوران الكرة في أكثر من اتجاه، إذا ما «رسب» طالِب من هنا، أو طالَب واحد من هناك بـ«الدوبلة»، وخصوصاً أن رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، أطلق موقفاً شبه داعم لمطالبة السنيورة بالتوافق المسبق للتأليف.
فأمام وفد من منبر الوحدة الوطنية ـــــ القوة الثالثة، زاره أمس برئاسة الرئيس سليم الحص، قال سليمان إن حكومة الوحدة الوطنية عليها «أن تعمل وفق ما يعزز الوحدة، لا أن يعمد البعض إلى دخولها، باسم الوحدة، وهناك يعمل للتفرقة»، مشدداً على ضرورة «ألا تنعكس الخلافات السياسية في الرأي على التنفيذ، بمعنى أنه يمكن أن يكون هناك خلاف على قضية معينة، لكن المهم ألّا نصل إلى مرحلة كلٌّ ينفذ فيها وفق رأيه فحسب. هذا ما يجب أن نتفاداه، مهما كان حجم اختلافاتنا». ورأى «أن البيان الوزاري يجب أن يستلهم روحية بيان وزراء الخارجية العرب واتفاق الدوحة وخطاب القسم»، مجدداً القول إن المقاومة «تشكل عنصر قوة للبنان يجب أن نستفيد منه. فإذا استخدم هذا العنصر في إطار القدرة القومية، يمكن الاستفادة منه في رسم سياسة دفاعية صحيحة». وأضاف: «إن الحوار الوطني سيتواصل في موضوع الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ومواضيع أخرى أيضاً». ولم يؤكد ما إذا كان الحوار سيحصل قبل البيان الوزاري أو بعده، معلناً أن ذلك «محكوم بإرادة الأفرقاء»، وإذا «لم تتوافر هذه الإرادة، فما من أمر يمكن أن يحصل، وخصوصاً في بلد مثل لبنان».
أما الرئيس الحص الذي أعرب عن تفاؤل كبير بمستقبل لبنان على المدى الطويل، وقال إنه لمس من رئيس الجمهورية «أملاً بولادة سريعة للحكومة، وإن شاء الله خلال الساعات المقبلة»، فقد رأى أن الحكومة العتيدة «ستتميز بالعقم إلى حد بعيد، لأكثر من سبب: لأنها تضم أطرافاً متنازعين، لأن فترة ولايتها لن تكون كافية، ولأن تركيبتها كما ظهرت بوادرها حتى هذه اللحظة لا تختلف كثيراً عن تركيبة الحكومات السابقة، التي لم ينتج منها الكثير». وأبدى خشيته من «أن تكون الانتخابات النيابية المقبلة، وهي على الأبواب، هاجس غالبية الوزراء، فتشغلهم عن قضايا الوطن والمواطن».
واتفق معه الرئيس نجيب ميقاتي، الذي تخوف بعد زيارته المفتي محمد رشيد قباني، من أن «نكون أمام حكومة اللاقرار، لأنه بات لكل فريق متراسه وأفكاره داخلها». وأبدى تحفظاً على «نمط تعاطي رئيس الحكومة المكلف مع موضوع الاستشارات»، مشيراً إلى أن زياراته للمرجعيات «ليست في مكانها الصحيح»، وكذلك قوله بعد لقاء عون إن «ساعة تأليف الحكومة قد بدأت في تلك اللحظة»، لافتاً على الصعيد الأخير إلى أن «دوران ساعة التأليف يبدأ من حين انتهاء الرئيس المكلف من استشاراته النيابية، لا من أي وقت آخر».
في مجال آخر، دعا رئيس الجمهورية، خلال استقباله النائب حسين الحاج حسن مع وفد من المركز الإيطالي العربي، إلى «التركيز على فضح السياسة الإسرائيلية العدائية التحريضية تجاه لبنان والمقاومة الوطنية فيه، ولا سيما محاولة الربط بين المقاومة والإرهاب». كذلك التقى رئيس جبهة العمل الإسلامي، فتحي يكن، الذي أثار معه قضية الضباط الأربعة والموقوفين في ملف فتح الإسلام، مطالباً بإطلاق من ثبتت براءتهم «والإسراع في ختم التحقيق مع الذين ما زالوا على ذمة التحقيق، والتعجيل في إطلاق من قضوا فترة الأحكام التي صدرت بحقهم». ثم التقى بعد الظهر المنسق العام لقوى 14 آذار، فارس سعيد، فرئيس التجمع الشعبي العكاري، وجيه البعريني، الذي سلمه مذكرة تطالب بـ«تعزيز علاقات لبنان مع العالم العربي، ولا سيما مع سوريا، والعمل على سياسة دفاعية تحفظ المقاومة ودورها إلى جانب الجيش والقوى الأمنية».

العراقيل كانت قائمة في المرحلة السابقةكذلك، نفى النائب وائل أبو فاعور وجود خلافات داخل قوى 14 آذار، قائلاً: «إن ما يحصل هو مشاورات لاستكمال الصورة الحكومية بعدما حصلت تغييرات نتيجة الأسماء التي اقترحتها قوى 8 آذار»، ووصفها بأنها «مشاورات ربع الساعة الأخير». وإذ أكد مطالبة اللقاء الديموقرطي بحقيبة الأشغال، أردف: «إن أي وزير من قوى 14 آذار يمثلنا». ونفى انتظار عودة النائب سعد الحريري لحسم الموضوع، معلناً أن التشاور معه يجري ساعة بساعة، معيداً الكرة إلى المعارضة، بالقول إنها لم تستكمل كل أسمائها «وقد طرحت أسماءً جديدة تقتضي نقاشاً سياسياً، لا نقاش حصص».
وفيما لم تشر المعلومات الرسمية الموزعة عن الاجتماع الكتائبي الموسع، الذي ترأسه النائب الأول لرئيس الحزب شاكر عون، إلى التطرق إلى أسماء مرشحي الحزب، قال عون إن إعلان ولادة الحكومة بات قريباً، متمنياً أن يكون وزراؤها «فريق عمل واحداً وموحداً بعيدا عن التصنيفات التي سبقت الولادة بين أكثرية وأقلية، لأن استمرار الانقسام على هذه القواعد إنما يكون من قبيل التعجيز، ومن شأنه تعطيل الحكومة من الداخل وجعلها مجموعة حكومات في حكومة واحدة». وطالبت بأن يتضمن البيان الوزاري «الثوابت التي تضمنها خطاب القسم».

فليتفضلوا بالصعود إلى نظام المواطنة

وفي المقابل، استغرب النائب العماد ميشال عون، إثر ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، كيف أن «كل الذين كانوا يصرخون ويطالبون بالإسراع في تأليف الحكومة، نقلوا حديثهم إلى مواضيع أخرى. وهذا يعود إلى أنهم كانوا يحمِّلونني مسؤولية التأليف. عندما أصبحت المسؤولية عند غيرنا، أصبحوا يستغربون لماذا التآلف بين المعارضة والموالاة، ويتحدثون عن الأكثرية والأقلية»، مردفاً: «لا بأس، إذا أراد أحد ما أن يكون النظام أكثرياً، فليتفضلوا بالصعود إلى نظام المواطنة». وعلق على تلويح القوات اللبنانية بإمكان العزوف عن المشاركة، بالقول: «هناك أشخاص لا يمكنهم العيش إلا في أجواء شغب، هل نقتلهم؟ أبداً. ليبقوا أحياءً وليجاهدوا. كلما حللنا لهم مشكلة، خلقوا لنا مشكلة أخرى». وعن تحديد جعجع 5 أيام للمشاورات، قال: «لا يستطيعون أخذ أي دقيقة إضافية. فماذا كانوا يفعلون في 35 يوماً؟ كانوا يتحدثون أمام اللبنانيين عن أنهم جاهزون، وأن المعارضة تعطل. فهذا ليس كلام أشخاص عاقلين». ورأى أن من لديه 22 نائباً يعطى 5 وزراء «ما يربحنا حدا جميلة»، ومن لديه 5 نواب يستأهل وزيراً واحداً.
وأكد التوجه للتعاون في المرحلة المقبلة ف«نحن لم ندخل الحكومة لنعطلها». ورأى أن الطاقة من أهم وزارات الدولة، مؤكداً القدرة على تحسينها، رغم أنها «مفلسة». ولم ير أن اتفاقه مع السنيورة سيتعطل إذا لم تتفق الموالاة على حصتها، لأن التعطيل «سينعكس عليهم». وأضاف: «لا أعتقد أنهم سيتراجعون هذه المرة. لا أشك فيهم هذه المرة، لأن وضعهم سيكون أسوأ إذا تراجعوا، عندما يتفاهمون معنا يتحسن وضعهم، لذلك لن يتراجعوا». وطلب من لجنة الإدارة والعدل أن تسرع في دراسة مواد قانون الانتخاب «فالعمل بطيء جداً بها».
وكان عون قد التقى الوزير والنائب السابق أسطفان الدويهي الذي شدد على مرجعيته مسيحياً ووطنياً. وأشاد باللقاء الوطني المسيحي، مشيراً إلى أنه «دعوة للحوار والانفتاح على كل الفئات اللبنانية». كذلك التقى سفيرة بريطانيا، فرنسيس ماري غاي، التي شرحت له «وجهة نظر الداخلية البريطانية في موضوع إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة المنظمـات الإرهابية».
وتوقع نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في حديث إذاعي، أن تبصر الحكومة النور خلال أيام، مؤكداً أنه «لم يعد بالإمكان العودة إلى الوراء». وقال: «لقد أثبتت المعارضة مجدداً، أنها تقول وتفعل، وأنها جدية في خطوات اتفاق الدوحة، وقد أعطت موقفها التفصيلي وأنهت تشكيلتها، وأبلغت رئيس الحكومة المكلف، والآن الكرة في ملعب الموالاة، وعليهم هم أن يحسموا مسائلهم الداخلية في ما بينهم». ورأى أن التأخير مرتبط «بتعزيز مواقع الأطراف داخل الحكومة لمصلحة الانتخابات النيابية القادمة، ولا يرتبط بضغوط إقليمية ودولية من هنا وهناك».
وأوضح أن تخلي الحزب عن حقيبتين من حصته، هو «وفاء للمعارضة، وتقديم نموذج عن عدم التعلق بالمكاسب المحدودة»، إضافة إلى تطلعه «لإشراك اللبنانيين بفئاتهم المختلفة»، وأردف: «هذه تجربة أتمنى أن يطبقها الآخرون على أنفسهم لنثبت أننا نريد حكومة فاعلة وجدية». ودعا إلى الكف عن إطلاق «أحاديث سياسية تغلب عليها المناورات»، متمنياً فتح صفحة جديدة للجميع. وأعلن أن الحزب، بعد زيارة وفد منه للسنيورة، سيستمر في سياسة اليد المفتوحة والممدودة «عملياً لا نظرياً»، وسيقوم بـ«لقاءات أخرى مع أطراف اختلفنا معهم في الموالاة، ستعالج القضايا الميدانية على الأرض، وأيضاً ستزيل آثار التوتر المذهبي أو الحزبي»، مشيراً إلى أن الحزب سيكون مبادراً في بعض هذه اللقاءات «ومتلقياً بإيجابية مبادرة الآخرين في البعض الآخر، لكن الاتجاه العام عندنا هو إقفال كل ملفات التوتر وإبراز كل الإيجابيات التي تعزز فكرة الوحدة الوطنية».

معالجة جرح باب التبانة ــ جبل محسن

وفي احتفال تأبيني في الجنوب، دعا عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل، قبلان قبلان، إلى تجاوز بعض العقد التي تؤخر الحكومة، وقال إن المعارضة «أنهت ما هو مطلوب منها، وبقي على الفريق الآخر حسم أمره، لأن ما ينتظرنا من ملفات ساخنة تتعلق بهموم المواطنين وهواجسهم هو الأهم». ورأى أن «الظروف الحالية سانحة ومواتية لإحلال الوفاق وإنقاذ الوطن».
وبعد استقباله وفداً من حزب الله، زار أيضاً رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان للدعوة إلى المشاركة في المؤتمر الدائم لدعم المقاومة، أشاد رئيس تيار التوحيد وئام وهاب، بتنازل حزب الله عن حقيبتين للمعارضة، مؤكداً أن أرسلان يمثل المعارضة الدرزية، ومشيراً إلى أنه كان يفضل توزير واحد من خارج الأقطاب «لكون الحكومة لا تضم أحداً من الأقطاب».
كذلك، رأى بيان للجنة السياسية المشتركة بين حزب الله وجبهة العمل الإسلامي، بعد اجتماعها الدوري أمس، أن المعارضة «قدمت كل التسهيلات على صعيد تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وهي قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال من خلال تسميتها وزراء الحقائب الإحدى عشرة الخاصة بها، ويبقى الأمر مرهوناً بالطرف الآخر والكرة في ملعبه من أجل الاتفاق في ما بينهم على تسمية وزراء الحقائب العائدة لهم والخروج من لعبة التباطؤ التي تعرقل مسيرة الوحدة الوطنية». وطالب الطرفان «بضرورة معالجة جرح باب التبانة ـــــ جبل محسن النازف، وإجراء المصالحة الفورية وعودة الحياة إلى طبيعتها وملاحقة كل المعتدين والمخلين بالأمن، وأيضاً بمتابعة مصدر الشائعات المغرضة التي تجعل المنطقة شبه مشلولة وقطع دابر الفتنة التي تصب في مصلحة العدو الصهيوني».