فداء عيتانيلم يكن سعد الدين الحريري كثير التوفيق في كلامه أمس، فكعادته يأتي كلامه مباشراً ولا يحمل أبعاداً، وإن كان البعد في خلفية كلامه سلبياً. وهو مقلد سيئ لأداء أبيه الذي اكتسب في وقت قصير نسبياً خبرة في السياسة، وكان يتحاشى المزالق مع الإعلام، وخاصة أنه تجنبه ما أمكنه في سنوات حكمه الأولى. في معرض رده على سؤال عن التخلي عن حلفائه المسيحيين، أجاب الحريري الابن بأنه «لا فرق بين المستقبل والاشتراكي والقوات وقرنة شهوان وكل القوى الموجودة في 14 آذار»، وهي غلطة لم يكن ليرتكبها الحريري الأب، فهو الذي كان يفاخر في جلسة خاصة في النصف الأول من التسعينيات بأن البلاد قد نهضت على سيبة ثلاثية، مكونة من الرؤساء: إلياس الهراوي ونبيه بري ورفيق الحريري، وأن الأول يمثل لبنان التقليدي ما قبل الحرب، والثاني يمثل لبنان الميليشيات، وأما الثالث، أي هو نفسه، فإنه يمثل لبنان الذي لم يتلوث بما قبل الحرب، ولا بأدران الحرب، وكان الحريري الاب حين ينطق بهذه الفكرة يبتسم وتبدو عليه الحماسة. الابن يسرع إلى محو الفوارق مع من أُدين بجرائم الاغتيال والمجازر، وليس فقط من تلوث بأدران الحرب.