نادر فوزمن المتوقع أن يُحسم أمر الحكومة خلال الساعات المقبلة. ثم سيتوجّه أعضاء التشكيلة، الأساسيون والاحتياطيون، إلى قصر بعبدا لالتقاط الصورة التذكارية مع الرئيس سليمان. وستشعّ هذه اللقطة ببزّات بيضاء تبشّر بعهد جديد يجلب السلام والطمأنينة للمواطنين. وتسقط هذه الصورة عن قوى المعارضة صفة «المعارضة»، لانخراطها في السلطة، فيما جدّد السياسيون في الواقع لأنفسهم، معلنين إعداد أزمة جديدة ــــ متواصلة.
تجتمع القوى التي تصارعت لأكثر من عامين في حكومة وحدة وطنية، كما أطلقت عليها الوساطة العربية، لإخراج «الوطن الحبيب والجريح من أزمته». إلا أنّ اجتماعها في مؤسسة واحدة قد لا يعني على الأرجح إلا «انتقال الصراع السياسي إلى الحكومة، حيث ستجلس الموالاة والمعارضة وراء المتاريس»، بحسب تعبير أمين سرّ منبر الوحدة الوطنية ــــ القوة الثالثة، أمير حموي. ويجدّد حموي وصف الحكومة العتيدة بـ«العقيمة»، نظراً لقصر مدّتها «وشكل تكوينها الذي يمنعها من العمل بالشكل المطلوب». ويمكن إيجاد فسحة تفاؤل في حديث حموي، حين يقول: «نعلّق آمالاً كبيرة على سير سياستي وزارتي الطاقة والاتصالات، لما للعماد ميشال عون من خطاب ضد الفساد».
ينظر اللبنانيون بتفاؤل إلى خطوة تأليف الحكومة، على اعتبار أنّ الأزمة انتهت والجميع يشارك في الحكم. حدّت مشاركة الفريقين من سير البلد في منحى المشروع الأميركي ووجهة الفتنة، «إلا أنّ هذه الحكومة هي حكومة وحدة بالشكل، أما في المضمون فتنافس تحاصصي وسياسي. هي وحدة متناقضات تعجز عن الانسجام» كما يعبّر رئيس المجلس الوطني في الحزب الشيوعي، موريس نهرا. فهذه التشيكلة تكتسب صفة الوطنية لجمعها ممثلي الطوائف، يضيف نهرا، مشيراً إلى أنها لا تتمتع بالمعنى الوطني في الوجهة السياسية، ذاكراً قضايا المقاومة والمطامع الأميركية والتحالفات الخارجية والمشروع الاقتصادي، وغيرها من الملفات التي لا انسجام في النظر إليها بين الفريقين المتصالحين.
ويؤكد نهرا أنّ هذه التناقضات تبرّر لكل طرف في «الحكومة الظرفية»، عدم فاعليته في الحكومة المقبلة فـ«يرمي على الطرف الآخر مسؤولية التعطيل، مما يبطئ عجلة الإنتاج». ويشدّد على ضرورة عدم عقد آمال وهمية ومخادعة من نوع أن هذه الحكومة قادرة على إنقاذ البلد من أزماته المتلاحقة.
صوت آخر من خارج الفريقين المتصالحين يسجّل اعتراضه على الصيغة التوافقية المتواصلة منذ عام 1994. «حكومة وليدة طبقة سياسية لم تعد قابلة للحياة»، يقول النائب السابق نجاح واكيم، متسائلاً عن كيفية تأليف حكومة تضمّ الفريقين. ويلفت واكيم إلى أنه بوجود حكومة أو مجلس نيابي أو رئيس للجمهورية، أو عدمهم، لا يتغيّر شيء في حياة المواطن ولا على صعيد.
من الأفضل تسمية الحكومة العتيدة حكومة انتقالية لاتّحاد الطوائف، فهي مشّوهة بتكوينها، وعاجزة سياسياً وأمنياً، ولا تملك حلّاً اقتصادياً سوى حفر المزيد في هوّة اتّفاقات باريس.