ثائر غندور«ليس هناك خلاف، أتحدث عن «اللقاء الديموقراطي» وعدد نوابه 17، والقوات عدد نوابها 4 على الأقل، فلتؤخذ النسب في الاعتبار، إن الموضوع ليس موضوع حقائب، فخامة الرئيس والرئيس السنيورة هما اللذان يضعان جدول الحقائب». لكلمات النائب وليد جنبلاط هذه من أمام أبواب القصر الجمهوري، معانٍ ورموز كثيرة. الرمز الأساسي يعود إلى المكان الذي صدر منه هذا الكلام، إضافة إلى إشارته إلى أنه باعتماد النسبيّة (رغم أنه من المعارضين لها) «ربما نسمح لفئات مسيحية وإسلامية بأن تخرج من الاستقطابات الحالية... وأتمنى أن يكون هناك تمثيل مسيحي لإخواننا في الجبل من منطقة بعبدا إلى الشوف لتأكيد العيش المشترك».
أمّا المعنى الأساسي لهذا الكلام، فهو إشهار جنبلاط للمرّة الأولى خلافه مع النائب جورج عدوان، وقراره بأن لا يكون ضمن لائحته الانتخابيّة في الشوف. فهو عندما ذكر عدد نواب القوّات اللبنانيّة استثنى عدوان منهم (فالعدد الحقيقي لنوّاب القوات هو 5). ويقول أحد المرشّحين في الانتخابات النيابيّة عن منطقة الشوف إن عدوان أخفق في لعب دور الوسيط بين سمير جعجع وجنبلاط، كما أخفق في أن يكون الصلة بين جعجع والقاعدة القوّاتيّة، رغم قلّتها، في الشوف، وهو الذي طرح فكرة تقسيم الشوف دائرتين انتخابيتين.
ويشير بعض المعلومات إلى أن جنبلاط، اتخذ قراراً بتعويض خسائره في دائرة بعبدا في منطقة الشوف، ولهذا فإن أي نائب عن دائرتي عاليه والشوف يجب أن يكون عضواً في اللقاء الديموقراطي، كما كان الشهيد أنطوان غانم عضواً في المكتب السياسي الكتائبي وفي اللقاء الديموقراطي.
ومن جهة أخرى، يشير مقرّبون من جنبلاط، إلى أنه مستاء من الطريقة التي تعاطت بها المعارضة والموالاة مع تأليف الحكومة، إذ لم يريا فيه غير فرصة لانتزاع حقائب تُجيّر لخدمة المآرب الانتخابية. وقد سبق له أن قال إنه مستعد للقيام بأي شيء في سبيل تأليف الحكومة بأسرع وقت، لكن أحداً لم يُلاقه في كلامه هذا، وتأخّر إعلان التشكيلة ستة أسابيع، وبالتالي، فإنه اليوم يريد حصّته شبه كاملة، بعدما حافظ على وعده بحصول النائب السابق طلال إرسلان على حقيبة.
ويقول ناشط سياسي آخر في منطقة الشوف إن جنبلاط تأكّد من أن لا أحد يستطيع تحطيم ميشال عون في المعركة الانتخابيّة، بعدما ثبت له أيضاً أنه من الصعب مواجهة حزب الله في الشارع، وبالتالي، عليه أن يُحافظ على كتلته هو، ليُحافظ على موقعه، «ولا يستغرب أحد إن قال جنبلاط عند البحث في أسماء مرشحي 14 آذار، فليكن المرشحون حسب الحجم الشعبي».
فضلاً عن أن جنبلاط قارئ سياسي مستشرف ولا بدّ أنه قرأ الراحة السورية وإعادة تحرّك دبلوماسيتها، لكنه لا يقوم حالياً بـ«دورة كاملة» تبعاً للتغيّرات.
أمّا على الصعيد القواتي، فإن صدى الكلام الجنبلاطي كان قاسياً جداً. هم يقولون إنهم سامحوا جنبلاط على الدم بينهما، وها هو يتخلى عنهم اليوم. كما يعتبون على حزب الكتائب لأنه لم يأخذ موقفاً متضامناً معهم، لكن أحد المقرّبين من الرئيس أمين الجميّل يقول إن ما يميّز علاقته بجنبلاط عن الأخير بجعجع هو أنه لا حساسيّة دمٍ بينهما، كما أن «أولاد البيوتات السياسيّة يحافظون دائماً على شعرة معاوية». كتائبي آخر يوضح أكثر عندما يقول إنه ليس من مصلحة الكتائب أن تخوض معركة القوّات، فيما تنافسها الأساسي هو معها.