برّي التقى سليمان ورفض الكلام وفرنجيّة يشكو من «المال السعودي» في الشمالعلى وقع مأزق الأكثرية وخلافات أركانها على الحقائب الوزارية، شُغل اللبنانيون أمس بالقنابل الدخانية التي أثيرت حول توزير علي قانصو، والسجالات في شأن ائحة المعارضة، والقنابل الفعلية التي أشعلت من طرابلس مجدداً
بعد الزوبعة التي أثارها أول من أمس في شأن توزير الرئيس السابق للحزب القومي، علي قانصو، وقوله إنه لم يتسلم اللائحة الرسمية لمرشحي المعارضة، تفرغ الرئيس المكلف، فؤاد السنيورة أمس، لاستقبال وفدين من جمعية تجار عاليه وتجمع سيدات الأعمال، ومتابعة أوضاع الجالية في المكسيك مع المطران جورج أبي يونس. فيما كان موضوع الحكومة محور لقاءين لرئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، الأول مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي خرج من قصر بعبدا، رافضاً الإدلاء بأي تصريح لأن «هناك الكثير من الكلام في أيامنا هذه».
أما الثاني، فكان مع النائب وليد جنبلاط، الذي رفض بعد اللقاء اتهام اللقاء الديموقراطي بأنه رفع سقف المطالب، مشيراً إلى أنه بعد الموافقة على توزير طلال أرسلان «وهذا ضروري لتحسين شروط الوحدة الوطنية والعيش المشترك في الجبل»، يبقى للقاء وزيران درزيان «أحدهما ستكون له حقيبة، فيما سيكون الآخر وزير دولة». وذكر أنه أبلغ سليمان مطالبته بوزير «يمثل الفئة المسيحية لجبل لبنان جنوب خط الشام»، قائلاً إن ذلك «لتأكيد العيش المشترك». ورأى أن المتحاورين في الدوحة ارتكبوا خطأً بالعودة إلى قانون الستين «فلو اعتمدنا قانون النسبية الذي اقترحه الوزير فؤاد بطرس، لسمحنا ربما لفئات مسيحية وإسلامية بأن تخرج من الاستقطابات الحالية من 8 أو 14 آذار أو غيرهما. لكننا ارتكبنا خطأ نتيجة طلب اقطاب الاستقطاب».
وأبدى عتباً على حلفائه، متهماً إياهم بالعودة «إلى الفئويات والمطالب الصغيرة»، ومتمنياً «لو عادوا إلى روحية قرنة شهوان... وكنا آنذاك مجموعة سياسية تتخطى كل المذاهب والطوائف، وقد تحدينا العالم من أجل السيادة والاستقلال». وإذ نفى وجود خلاف مع القوات اللبنانية على وزارة الأشغال، قال إن اللقاء الديموقراطي يضم 17 نائباً «فيما عدد نواب القوات أربعة، على الأقل فلتؤخذ النسبية في الاعتبار». وعن الاتصالات مع حلفائه لتذليل العقبات، قال إنه اتصل يوم الثلاثاء بالنائب سعد الحريري «وأنا شخصياً على السمع عندما يريد البعض الاتصال. أحياناً هناك نوع من الضباب، ثم نعود إلى الوضوح. أتمنى أن يتم الأمر بعجالة قبل سفر الرئيس».
كذلك التقى سليمان الرئيس رشيد الصلح، ثم النائب ياسين جابر الذي سلمه رسالة من رئيس البرلمان الأوروبي هانز بوتيرينغ هنأه فيها بانتخابه، معرباً عن رغبته بزيارة لبنان لاحقاً. والتقى أيضاً مساعد رئيس الأركان البريطاني، الأدميرال البحري ألان ريتشارد، الذي أعلن استعداد بلاده لتعزيز برامج المساعدة والتدريب للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، والإسهام في تطوير برامج التدريب.
وبحث رئيس الجمهورية مع سفير فرنسا، أندره باران التحضيرات لزيارته فرنسا يوم السبت، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ثم يشارك في قمة «الاتحاد من أجل المتوسط» التي تبدأ أعمالها يوم الأحد، وفي الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي في 14 تموز الحالي. وفي هذا الإطار، اتفق سليمان مع الرئيس السوري بشار الأسد، في اتصال هاتفي، على اللقاء في باريس «لاستكمال البحث في المواضيع التي تهم الجانبين اللبناني والسوري، والتي كانت موضع تشاور دائم بين الرئيسين خلال الأسابيع الماضية، ومنها ما يتصل بآلية إعادة العلاقات الأخوية بين البلدين، في ضوء ما صدر عن الرئيسين اللبناني والسوري من رغبة متبادلة في إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا»، بحسب المعلومات التي وزعها المكتب الإعلامي في بعبدا عن الاتصال.
كذلك زار باران الحريري الذي التقى أيضاً الوزير محمد الصفدي وعرض معه الموضوع الحكومي.

لا مانع من لقاء نصراللّه والحريريووصف الردود على الخطاب الأخير للسيد حسن نصر الله، بأنها «كانت جيدة وإيجابية» من المعارضة والموالاة، «وهذا سيفتح الباب أمام مزيد من التعاون»، معلناً تمسك الحزب «بأي عنوان يؤدي إلى التفاهم وبناء الوطن معاً». وقال: «نحن مستعدون، ليس للتعاون وحسب، بل للتنازل من أجل لبنان، لكننا لن نتنازل عن السيادة لمصلحة إسرائيل أو غيرها». وأكد أن لقاء نصر الله والحريري «أو لقاءات أخرى»، رهن «نضوج بعض الظروف الميدانية واللوجستية»، مضيفاً: «ليس هناك من مانع لحصول لقاء بيننا، لأننا اعتبرنا أن اتفاق الدوحة وتحرير الأسرى فتحا الباب على مصراعيه أمام اللقاءات السياسية، إلا إذا أصر البعض على مواقف لا تنفع ولا تخدم الوحدة الوطنية. لكن كما نلاحظ، الأجواء الإيجابية تسود هذه الأيام». وكشف عن اتفاق مع رئيس الجمهورية على أن تتولى الدولة جانباً من إجراءات عملية تبادل الأسرى.
وفي حديث إلى موقع حزب الكتائب الإلكتروني، لم يتوقع الوزير محمد فنيش أي مشكلة على صعيد البيان الوزاري «إذا كان ثمة روحية توافق والتزام لاتفاق الدوحة ومبادرة الجامعة العربية». ونفى وجود أي مواقع عسكرية لحزب الله في صنين، داعياً إلى انتظار تقارير قوى الأمن والحكومة. وطالب الدولة بدرس ملف المفقودين خلال الحرب «لتحديد من هو المفقود ومن هو الموجود عند سوريا، وبالتالي لا نضع كل ما حصل خلال الحرب في خانة الموجودين عند سوريا». بدورها، حذرت كتلة الوفاء للمقاومة، من أن تأخير تأليف الحكومة «ينذر بتداعيات تؤثر سلباً على مجمل الوضع في البلاد وعلى انطلاقة العهد الجديد». ودعت الجميع إلى «انتهاز الفرصة الراهنة، للعمل معاً بانفتاح ومسؤولية، لإعادة إنتاج السلطة وبناء الدولة القوية المتوازنة والمطمئنة».

شاكر العبسي يجب أن يكون وزيراً أيضاً


وبعد اجتماع المكتب السياسي لتيار المردة، دقّ رئيس التيار، سليمان فرنجية، ناقوس خطر «المال السياسي السعودي الذي بدأ يظهر شمالاً»، لكنه قال «إن الأجواء جيدة والتحضير للمرحلة المقبلة على الصعيد السياسي مستمر». وجزم بأن الحكومة ستؤلف، لأن الكرة الآن في ملعب الأكثرية التي لا تستطيع، في رأيه، تحمل مسؤولية العرقلة. ولوّح بأن وضع فيتو على توزير قانصو سيدفع المعارضة إلى وضع فيتو «على مرشح القوات اللبنانية أو على مرشح تيار المستقبل»، مشيراً إلى مجزرة حلبا «التي ارتكبها تيار المستقبل بحق عناصر من الحزب القومي، فاذا كانوا يريدون إخراج فريق، فلتخرج جميع الفرق التي على خلاف، إلى حين بت القضاء في هذا النزاع». وشدد على ضرورة عدم استثناء أحد من «حكومة مصالحة وطنية... ولو أن ذلك لا يعجب السيد السنيورة، كذلك نحن، فإن شكل السنيورة لا يعجبنا في رئاسة الحكومة، ولكننا قبلنا به».
وتعليقاً على مطالبة القوات بحقيبة العدل «على أساس أنها من حصة الموارنة»، قال: «برأيي أن شاكر العبسي يجب أن يكون وزيراً من ضمن الأسماء السنية، والاتفاق في المستوى نفسه»، متسائلاً عن كيفية تقبل القضاة «الذين حكموا على جعجع بالإعدام وخفضوه إلى المؤبد، أن يكون وزيراً عليهم؟»، مردفاً: «إذا كانوا يحترمون أنفسهم، فإنهم حتماً يستقيلون، من القاضي رالف رياشي إلى آخرين كثر غيره».
ورفض حيادية الجيش في النزاعات الداخلية البسيطة، داعياً إياه إلى حسم الأمور في طرابلس. ورأى أن اللقاء المسيحي الوطني «من أهم اللقاءات التي تمت منذ قيام لبنان إلى اليوم». كذلك وصف عملية تحرير الأسرى بأنها «أكبر انتصار للبنان وللمقاومة». وأعرب عن تفاؤل كبير بالنسبة إلى الأوضاع، آملاً أن تكون جيدة مع نهاية هذا الصيف.
وفي قضية قانصو أيضاً، لوح النائب عباس هاشم، بأن المعارضة «بدورها ستضع العديد من الفيتوات على الكثير من الأسماء»، ورأى «أن قوى 14 آذار تخطئ في قراءاتها الدولية والإقليمية وتقوم بالتحوير من القضية المركزية عبر وضعها فيتوات على بعض الأسماء المطروحة للتشكيلة الحكومية». كذلك أعرب عن تفاؤله «بهذه المرحلة»، قائلاً: «إذا كان للباطل جولة، فللحق جولات كثر، والبلد مقبل على خير كبير».
وبعبارة فرنجية نفسها، وصف النائب عبد المجيد صالح عملية تبادل الأسرى، مبدياً أيضاً تفاؤلاً بأن «تشهد الساعات المقبلة بشائر الانفراج في تأليف الحكومة»، مشيراً إلى أن فرصة الدعم العربي للبنان «هي فرصة تاريخية يجب ألا نضيعها في حسابات الحصص لتحقيق المزيد من المكاسب».
لكن رئيس تيار التوحيد، وئام وهاب، أعرب بعد زيارته نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، عن تخوفه من أن تعيد التعقيدات التي برزت أخيراً في ملف الحكومة، الأمور إلى نقطة الصفر، ولم يستبعد تراجع السنيورة «في وعوده للعماد ميشال عون وفي وعود أخرى لإخراج فريق 14 آذار من الخلاف القائم على توزيع الحقائب». ووصف مطالبة جعجع بحقيبة العدل بأنه «أمر مضحك ومبكٍ».

استغراب لحود وتحذير فضل اللّه

ونقل الوزير السابق وديع الخازن، عن الرئيس إميل لحود، استغرابه لـ«هذا العجز غير المبرر عن تأليف الحكومة». وحذر الخازن من أن «إطالة عمر هذه الأزمة يمثّل تهديداً خطيراً للأجواء الوفاقية التي أشاعها اتفاق الدوحة، وهو أمر يمكن أن يطيح هذا الاتفاق لإعادة تجريد الرئاسة الأولى من مقومات وجودها كرأس مشرف على أعمال أي حكومة، وهو أمر لا يمكن التساهل به بعد اليوم». كذلك رأى رئيس المؤتمر الشعبي، كمال شاتيلا، بعد لقائه الرئيس نجيب ميقاتي، أن تأخير التأليف «غير مبرر على الإطلاق، أياً كانت الأسباب، لأن العناق والوفاق في اتفاق الدوحة وصل إلى حد تكسير العظام».
في هذا الوقت، نبه المرجع السيد محمد حسين فضل الله أمام وفد من حزب البعث برئاسة الوزير السابق فايز شكر، إلى أن لبنان «لا يزال يمثل ساحة اللااستقرار في المنطقة»، وأن «حركة التسويات لا تزال في بدايات تشكلها، ولا تزال المحاور الدولية أو الإقليمية تراهن على متغيرات معينة قد تعكس صورة الأوضاع القائمة». ورأى أن ذلك يستدعي من اللبنانيين المسارعة «إلى إنتاج وفاقهم الداخلي وتجاوز الكثير من الأمور الشكلية العالقة على مستوى تأليف الحكومة وغيرها، لأن البطء في المعالجة قد يقودنا إلى التأزيم». فيما رأى شكر أن اعتراض السنيورة على قانصو «مخالف لاتفاق الدوحة»، معرباً عن تخوفه من توتر الوضع مجدداً في طرابلس، ودعا إلى الإسراع في تأليف الحكومة «لأن عدم تأليفها حتى الآن يوحي أن هناك شيئاً ما يخطط لهذا البلد».
ومن أوستراليا، حيث انتقل أمس إلى مدينة برزبن عاصمة ولاية كوينزلاند، أشاد البطريرك الماروني نصر الله صفير بما أسسه هذا البلد من «نظام تعددي ومجتمع متنوع ضمن الوحدة، انخرط فيه اللبنانيون»، آملاً «أن يكون هذا النظام حافزاً للبنان للاستفادة من حسناته». وقال إن لبنان «في حاجة إلى أصدقائه، ومنهم أوستراليا، من أجل تعزيز الديموقراطية والسيادة وضمان حقوق الإنسان».
وكان الوضع الأمني في طرابلس، الذي انفجر مجدداً مساء الثلاثاء، وحصد المزيد من القتلى والجرحى والدمار، موضع إدانة عارمة واتهامات كالعادة لـ«طرف ثالث». كذلك استدعى جملة من اللقاءات والاتصالات، كان محورها كالمرة السابقة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، الذي عقد أمس أكثر من لقاء، واختتم مساءً بلقاء توصل إلى إطلاق دعوة جديدة إلى وقف إطلاق النار، أعلن الحزب العربي الديموقراطي، التزامه «التام» به، وتمنى على «الأطراف الأخرى الالتزام به أيضاً».