طرابلس ـ عبد الكافي الصمدلكنّ الرفاعي عقّب على ذلك بالإشارة إلى أنه «لا فرق في الدين الإسلامي بين الدين والسياسة»، موضحاً أن رجال الدين «لهم انتماءات ضمنية ولو لم يصرّحوا بها. ففي الطائفة السنّية هناك من هو سلفي أو صوفي أو جماعة إسلامية أو حزب تحرير، أو قريب من حزب الله والجماعات الأصولية، أو مقرّب من السياسيين».
ولفت الرفاعي إلى موقف نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان عندما قال إن «المساس بفلان هو مساس بالطائفة الشيعية كلها، فلمَ يكون ممنوعاً أن يقال هذا الكلام من الطائفة السنّية لحماية رموزها ومصالحها؟ وعندما يتحدث البطريرك الماروني نصر الله صفير عن بعض القضايا المتعلقة بحقوق المسيحيين وهواجسهم، وما يتعلق برئيس الجمهورية، فلمَ لا يقال إن هذا تدخل في السياسة؟».
وإذ أشار الرفاعي إلى أن «منصب مفتي الجمهورية في لبنان سياسي أكثر منه دينياً»، دعا معارضيه إلى «ألّا يعدّوه طرفاً»، وألّا يشنّوا عليه «حملة شعواء فيها الكثير من الافتراءات. إننا في دار الفتوى نقف وراء رئاسة الحكومة كائناً من كان فيها»، موضحاً أن «رفضنا لما حدث في بيروت هو رفض لأن تستباح حرمات الناس، وأن يساء إليهم وتهان كراماتهم، بعيداً عمّا إذا كانت الحكومة قد أخطات أم لا. فما حدث وصمة عار في جبين الجميع، ومن قام به لم يكن وفياً، وعتبنا عليه عتب المحبّ، وينطلق من غيرة عليه. فأنا أفتخر بالسلاح المقاوم، وأعتبر هذا السلاح سلاحي، إذ يجب ألّا «نكافأ» هكذا على دعمنا له».
لكنّ الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ بلال شعبان رأى أن «بعض المشايخ أسهم في توتيرالأجواء، والبعض الآخر عمل على التهدئة. والأمر عائد إلى استقلالية كل شيخ أو تبعيته لأحد الأطراف. فالمفتي هو مفتٍ للجمهورية اللبنانية كلها، ويجب أن يتعامل مع القضايا انطلاقاً من هذه الخلفية، لا أن يكون أعرج في قضية تمسّ الأمّة مثل قضية المقاومة، لأنّ انحيازه إلى طرف دون آخر جعله يسقط من موقعه، وجعله عرضة للنقد».
وقال شعبان إنّ «السياسيين بدورهم استخدموا رجال الدين لتحقيق أهدافهم. وبدل أن يعقلن رجال الدين الخطاب السياسي، سار بعضهم في ركب رجال السياسة».
من ناحيته، رأى الشيخ إبراهيم الصالح أنّ «الساحة السنّية لم تكن راضية بجمهورها وعلمائها عمّا جرى في بيروت، لأنّه خطير جدّاً؛ ورغم ذلك فالقسم الأكبر من المشايخ غير المرتبطين بالخارج التزموا الهدوء، ودعوا إلى ضبط النفس ووأد الفتنة».
وأشار الصالح إلى أنّ «مفتي الجمهورية وبعض مفتي المناطق والمشايخ والقوى الإسلامية أو السلفية المحسوبة على السعودية، أو على بعض الجهات الأمنية أو السياسية، هم من أسهموا في توتير الأجواء، أما في بقية المناطق، فإنّ هذا الخطاب كان غائباً، لأنّه لا شعبية ولا استجابة لخطاب كهذا في الوسط السنّي الشعبي إلا بنسبة ضئيلة»، لافتاً إلى أنّ بعض المشايخ «تراجعوا في بيانات لهم عن مواقف تصعيدية كانوا قد اتخذوها».
ورأى الصالح أنّ «التحريض الذي حاول المفتي قبّاني أن يمارسه لم ينجح، لأنه بعد حادثة الأشرفية في الخامس من شباط عام 2006 ابتعد كثير من المواطنين عمّن خذلهم وتخلّى عنهم، وجعلهم يواجهون بمفردهم اتهامات العبث بالأمن والنظام والخروج على القانون».