شتاينماير يحثّ اللبنانيّين على تطبيع العلاقات مع سوريا ونزع «سلاح الميليشيات»حدد رئيس الجمهوريّة موعد الحوار المنتظر وجدول أعماله، فيما يتابع رئيس الحكومة المكلّف جوجلة الأسماء المرشّحة للتوزير في الحكومة المقبلة المتوقع أن تبصر النور قريباً، إذا لم تطرأ عراقيل تطيح التفاؤل السائدأعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان، خلال استقباله أمس وزير الخارجية الألماني، فرانك شتاينماير، أن الحوار بين القيادات اللبنانية سيبدأ فور تأليف الحكومة الجديدة «وسيشمل كل المواضيع التي تم الاتفاق على بحثها والتي وردت في خطاب القسم»، لافتاً إلى «أن كل دعم يلقاه لبنان من الدول الشقيقة والصديقة في هذا المجال سيكون له الأثر الإيجابي على تفعيل هذا الحوار».
وأكد سليمان رداً على استيضاح من الوزير الألماني، أنه سيعمل على إقامة «أفضل العلاقات بين لبنان وسوريا وفق ما جاء في خطاب القسم»، معتبراً أن مشاركة وزير الخارجية السوري وليد المعلم في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وجلسة القسم «دليل واضح على العلاقات الأخوية بين البلدين التي ستعود حتماً إلى أفضل حال، لأن ما يربط بين البلدين أقوى من المسائل السياسية، لأنه متجذر في التاريخ والجغرافيا وروابط القرى والعلاقات الاجتماعية بين الشعبين اللبناني والسوري».
ورأى أن كلاً من لبنان وسوريا «استفادا من أخطاء الماضي وستكون علاقاتهما مستقبلاً نموذجاً للعلاقات بين الدول المتجاورة»، لافتاً إلى «أن دمشق أبدت استعداداً لإقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان».
وأبلغ سليمان شتاينماير شكر لبنان على المساعدات التي قدمتها بلاده في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، منوّهاً «بالدعم الألماني للقوات الدولية من خلال المشاركة في القوة البحرية التي تتولى مراقبة حركة السفن والبواخر الآتية إلى لبنان، مما أسهم في رفع الحظر الذي فرضته إسرائيل على الموانئ اللبنانية في أعقاب عدوان تموز عام 2006، إضافة إلى مساهمة ألمانيا في مشروع ضبط التهريب عبر الحدود اللبنانية البرية». كما شكر الرئيس سليمان ألمانيا على الجهود التي بذلتها ولا تزال، في عملية تبادل الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
وأكد أن لبنان يتطلع إلى استمرار الدعم الألماني لاستعادة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى السيادة اللبنانية، والعمل على وقف الخروق الإسرائيلية جواً وبراً وبحراً.
وكان الوزير شتاينماير قد نقل إلى الرئيس سليمان تهانئ الحكومة الاتحادية الألمانية بانتخابه رئيساً للجمهورية، وأكد استعداد ألمانيا لتقديم المساعدات اللازمة لاستكمال التعاون بين البلدين وتطويره في المجالات كلها، لافتاً إلى أن المشاركة الألمانية في مراقبة المياه الدولية تطبيقاً للقرار 1701 ستتواصل من خلال المشاريع المشتركة في مجال ضبط التهريب عبر الحدود البرية.
وبعد اللقاء رأى شتاينماير أن اتفاق الدوحة خطوة أولى هامة جداً لتسوية النزاعات بين الفصائل اللبنانية المختلفة، مؤكداً أهمية تطبيع العلاقات اللبنانية ــــ السورية وتبادل السفراء وأن تعترف سوريا بلبنان كدولة مستقلة.
وقال شتاينماير بعد لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس المكلف فؤاد السنيورة بحضور السفير الألماني هانز يورغ هابر إن: «اتفاق الدوحة كان أساساً للتفاؤل، والأمل أنه سيؤدي إلى الاستقرار في البلد، والخطوة الأولى في هذا الاتجاه تحققت، وهي انتخاب رئيس للجمهورية، وهي خطوة هامة جداً للخروج من الأزمة الدستورية، والخطوة الثانية هي تأليف الحكومة، والمحادثات جارية في هذا السياق أيضاً، والخطوة التالية يجب أن تكون التخلّي عن استخدام العنف داخل البلد وضرورة نزع سلاح الميليشيات، وهذا سيكون خطوة مهمة نحو التقدم».
وأكد تصميم الحكومة الألمانية على متابعة وتعزيز الدعم والمساعدة المقدمة إلى لبنان في إطار «اليونيفيل»، ولفت إلى أن هناك مشروع إدارة الحدود وحمايتها، ومشروعاً مشتركاً في شمال لبنان يجري حالياً تقويم نتائجه والتفكير في إمكان توسيعه، إضافة إلى مساعدة اقتصادية، معرباً عن سروره بتبادل الأسرى بين «حزب الله» وإسرائيل.
وتفقّد الوزير الألماني وحدات بلاده العاملة في إطار القوات الدولية، وغادر بيروت متوجهاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة على متن طائرة خاصة.

الحريري: الجهد موجّه ضد الصهيونيّة

وفي شأن داخلي آخر، واصل الرئيس السنيورة مشاوراته لتأليف الحكومة العتيدة، وذكرت أوساط إعلامية أنه التقى مساء أمس رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، فيما تستمر مسحة التفاؤل التي رافقت الاستشارات النيابية التي انتهت أول من أمس، وسط دعوات إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية ــــ اللبنانية.
ورأى رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في كلمة ألقاها باسمه منسّق تيار «المستقبل « في الشمال عبد الغني كبارة، خلال افتتاح مركز الميناء الصحي الاجتماعي في ميناء طرابلس برعاية السيدة نازك الحريري، «أن جرح بيروت لن يطيب إلا باتخاذ خطوات عملية، وبتطبيق اتفاق الدوحة بحذافيره، من دون مواربة أو تذاك». وأكد «أن الجهد كان دوماً وسيبقى موجهاً ضد الصهيونية، متوجهاً إلى «إخواننا في لبنان عموماً والشمال تحديداً، نقول تعالوا إلى كلمة سواء تصون وحدتنا، وتحمي حريتنا، وتحافظ على دولتنا ومؤسساتها، ضمن نظام ديموقراطي يستند إلى اتفاق الطائف».

«حزب اللّه» يحدّد قواعد بناء الدولة

وأمل عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن حب الله «بهداية البعض إلى جادة الصواب، وأن نكون معاً في بناء هذه الدولة»، معتبراً أنه «لا يمكن بناء هذه الدولة إلا على قاعدة أساسية هي حماية المقاومة».
كما حدّد حب الله، خلال احتفال أقامة «حزب الله» في بلدة كوثرية السياد، الثوابت الأخرى لقيام الدولة وهي: «الاستقلال التام وعدم التبعية للأجنبي»، مؤكداً «أننا لم نقبل أن يكون في لبنان رجل في موقع السلطة، وزيراً كان أو نائباً أو رئيساً يملى عليه القرار من الخارج، الشعب يرفض هذا الرئيس أو الوزير أو النائب الذي سوف يضطلع بمسؤولياته بإملاءات خارجية، فكيف إذا كانت الإملاءات الخارجية من عدوّنا إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية؟
ورأى النائب نوار الساحلي أن البلد اليوم «أمام مرحلة جديدة»، وقال: «ولو كانت تسمية الرئيس السنيورة تزعج البعض وكانت صدمة سلبية، ولكن نحن قلبنا الصفحة. ولو كانوا يرون أنهم بتسميتهم السيد فؤاد السنيورة قد حققوا شيئاً ما، فنحن لا ننظر إلى هذا الأمر إلا بالعين الإيجابية، وننتظر تأليف حكومة المشاركة». ووصف كل من يريد أو يفكر في أن ينزع سلاح المقاومة بأنه «ليس لبنانياً، ومشروعه ليس مشروعاً لبنانياً».
وأكد عضو كتلة التحرير والتنمية النائب عبد المجيد صالح، في كلمة ألقاها في ذكرى شهداء بلدة بيت ليف الحدودية، «أن الاتفاق الذي حصل بين اللبنانيين في الدوحة ليس بهدنة ولا بفترة استراحة محارب كما يحاول البعض أن يروّج له، بل هو اتفاق يؤسس لبناء دولة قوية وقادرة ترتكز على انتظام المؤسسات وعلى مبدأ المساواة والاعتراف بالآخر».
ورأى الأمين القطري لـ«حزب البعث العربي الاشتراكي» الوزير السابق فايز شكر، بعد زيارته على رأس وفد من الحزب رئيس هيئة علماء جبل عامل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، أن «على السنيورة وغير السنيورة أن ينطلق في ترتيب العلاقات مع سوريا التي خرّبتها حكومة السنيورة»، ودعا إلى «إعادة النظر في كل ما فعلوا وفي كل ما اقترفت أياديهم، سواء من قرارات أو من مشاريع كان الهدف منها النيل من المقاومة ومن سلاحهامن جهته، رأى الأمين العام للحزب للشيوعي الدكتور خالد حدادة ، أن «الحكومة المقبلة ستكون حكومة تناقضات وأصحاب الفتن والدسائس على المقاومة والوطن من ثكنة مرجعيون»، مشيراً إلى أن «قانون انتخابات عام 1960 سينتج لبنان المريض المقسّم والمفتت إلى حالات مذهبية وطائفية وعائلية، وسيخلق حالة لا يمكن أن تحمي المقاومة والتحرير».
وقال خلال ندوة في بلدة يحمر الشقيف، لمناسبة عيد المقاومة والتحرير: «بعدما كان الرئيس السنيورة مداناً منذ حرب تموز حتى الحوادث الأخيرة والقرارين الأخيرين، عاد مجدداً إلى رئاسة الحكومة. إزاء هذا الواقع، لماذا تشارك المعارضة في حكومة رئيسها فؤاد السنيورة وأكثريتها مع الموالاة؟»، معتبراً أنه كان على المعارضة الوطنية ألا تشارك، وتعارض في المؤسسات والأعمال الجماهيرية الديموقراطية، وتتصدى لكل البرامج التي ستضعها الحكومة.
ورأى مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو «أن الشرعية انتصرت، وتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا انتصار للبنان، انتصار منطق الدولة على منطق العصابة. وأكد أن «أهالي الشهداء لن يفرّطوا بدماء أبنائهم، ولن يسقطوا حقّهم أمام القضاء وأمام الرأي العام».
على صعيد آخر، أملت سفيرة بريطانيا في لبنان فرنسيس غاي خلال زيارتها مفتي صور وجبل عامل بالتكليف الشيخ حسن عبد الله أن يكون انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية «خطوة إيجابية إلى الأمام وللهدوء في لبنان واستمراره دائماً»، متوقعة «ولادة الحكومة في وقت قريب جداً»، مؤكدة دعم بلادها للرئيس سليمان.
من جهته، رحّب المفتي عبد الله بالسفيرة غاي، ووصفها بالسفيرة الرياضية.
إلى ذلك، تواصلت الاحتفالات في جبيل بانتخاب الرئيس سليمان. وفي هذا الإطار، أقام اتحاد بلديات القضاء مهرجاناً خطابياً وفنياً، وألقيت كلمات ركزت على حكمة رئيس الجمهورية، مؤكدة «أن الرئيس الجديد ليس فؤاد شهاب الثاني وليس إميل لحود الثاني، إنه سليمان الحكيم الثاني في العهد الجديد، إنه ميشال سليمان الأول».

ثلاثة اتفاقات في اتفاق الدوحةوبارك للبنانيين بعيد التحرير والمقاومة، موجّهاً التحية «لرجال وشهداء هذه المقاومة البطلة التي حقّقت لنا نصراً أدهش العالم عام 2000، وأرسَت توازناً ردعياً دفاعياً في وجه إسرائيل عام 2006، وما زالت حافظةً للوطن وسيادته واستقلاله بقوة السلاح الذي لا وجهةَ له إلا إسرائيل».
ورأى ان اتفاق الدوحة هو ثلاثة اتفاقات: «الاتفاق الأول تجوز تسميتُه بالتسوية الإقليمية والدولية التي أوقفت المشروع الأميركي في لبنان، بعدما اعتبروا بلدنا في تصاريحَ علنيةٍ منصةَ مخاضات لولادة الشرق الأوسط الجديد. والثاني إرجاع التوافق والشراكة. والثالث هو قانون الانتخابات»، مشيراً إلى أن «القانون مليءٌ بالتنازلات والمكاسب»، ولكنَّ كلَّ الذين تنازلوا إنما تنازلوا من حساب الوطن، وكل الذين كسبوا إنما كسبوا لحساب الطائفة أو الحزب أو العائلة».
وقال: «تحتَ عنوان تصحيح التمثيل جرى تقسيمُ لبنانَ إلى مناطق مذهبيةٍ صافية، ومناطقَ أخرى ذات أرجحيَّةٍ مذهبيةٍ مطلقة، حتى لَيُمكن إعلان نتائج الانتخابات النيابية المقبلة في معظم الدوائر منذ الآن»، محذراً من أنّ «هذا التموضع المذهبي الحاد سوف يعيد إنتاج الخطاب الفئوي والمتوتر، ولَسوْفَ تَرَوْنَ خلالَ السنة التي تفصلنا عن الانتخابات تعبئةً مذهبية عامة شاملة في كل لبنان، ما يعني بالنتيجة تكريسَ شكلٍ من أشكال الفدرالية الطائفية التي يُخشى أن تؤسِّس لمشهد سياسي مخادع ينتحل صفة العيش المشترك ويطبِّق فعلياً التقسيم المشترك».
وقال: «المستغرب أن جميع الذين كانوا في الدوحة أمطرونا بنظريات وأدبيات عن التمسك باتفاق بالطائف، وجميعهم انتهكوا الطائف روحاً ونصوصاً»، مضيفاً أنه «إذا كان قانون الستين هو أحد الأثمان التي علينا أن ندفَعَها كلبنانيين لكي نؤسِّسَ لمرحلة الخروج من الأخطاء المشتركة المتبادلة، فلا بأس، ولن يعدمَ اللبنانيون وسيلةً لإعادة الأمورِ إلى نصابها».
وتلقّى كرامي سلسلة اتصالات تعزية أبرزها من الرئيس سليمان الذي شدد على ما تمتّع به الرئيس الشهيد من حكمة ووطنية، ومن عمل على تعزيز وحدة لبنان، وقد سقط شهيداً في وقت كان فيه لبنان بحاجة إلى أمثاله، منوّهاً بمواقف الرئيس عمر كرامي ومساهماته الدائمة في إنقاذ لبنان.
واستذكر الرئيس السنيورة الشهيد كرامي والصحافي الشهيد سمير قصير الذي صادفت ذكراه الثالثة أمس، واصفاً الأول بالركن البارز من أعلام الدولة والعروبة والوطنية، ومشيراً إلى عمله في تعزيز دور الدولة العادلة المستقلة والديموقراطية. ورأى أن قصير أثبت بقلمه وأفكاره وإقدامه، أن للكلمة وقعاً وتأثيراً أقوى من المدفع وأمضى من أسلحة الإرهاب والإجرام». وقال: «لقد دفع سمير قصير ثمناً لألمعيته وإقدامه».
كذلك استذكر مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني الرئيس الشهيد الذي قدّم الكثير للوطن واستشهد من أجله، فيما وصفه مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار بأنه صانع سلام ورائد حوار وداعية وفاق عن يقين وليس مجرد شعارات.