هيثم خزعلرفض أهل ريم في البداية الفكرة رفضاً مطلقاً. إذ كانوا كغيرهم ممن ترك الجنوب وتوجه إلى بيروت، لا يزالون يحملون نظرة أهل القرى إلى بعض المسائل الحياتية، مثل فلسفة الممكن والعيب وما هو مسموح أو غير مسموح.
لكن ريم أصرّت ونجحت في إقناعهم بمساعدة فتاة محجبة قصتها مماثلة، وتعمل في المقهى منذ عام. تذكر ريم خوفها في أول أيام عملها، إذ أوقعت القهوة الساخنة على أحد الزبائن لشدة ارتباكها. لم تتكرر الحادثة، فبعد فترة قصيرة اعتادت العمل وأحبته. نجحت ريم في تخطي العوائق النفسية رغم انتقاد الجيران والأقارب وبعض الأصدقاء «العمل شرف للإنسان، وعملي في المقهى هو جسر عبوري للمستقبل».
ترفض ريم خلع الحجاب لأنها ارتدته عن اقتناع لا للزينة، وهي ترى أن الفتاة المحجبة تستطيع العمل في أي مجال، كما تجد أن هناك قصوراً في نظرة المجتمع إلى المحجبات كما في نظرة النظام السياسي الذي يحرم المحجبات من بعض الوظائف العامة، وتأمل تغيير هذا الواقع، وهي تعمل من الخامسة عصراً حتى منتصف الليل.
للعمل في المقهى إيجابياته وسلبياته، فهذه التجربة، وهي الأولى لريم في سوق العمل، أكسبتها قوة في شخصيتها وثقة بالنفس، كما نجحت من خلال احتكاكها بالزبائن بأن تنسج علاقات صداقة مع بعضهم، «أصبحت اجتماعية أكثر، وأصبحت أعرف الناس على حقيقتهم» تضيف ريم، لكن الأهم بالنسبة لها أنها تعلمت كيفية صرف المال في المكان المناسب. أما سلبيات هذا العمل فهي تمادي بعض الزبائن في علاقتهم معها، فتتلافى الفتاة بعض المواقف المحرجة بإرسال أحد الشبان الذين يعملون معها لأخذ طلباتهم، لأن شروط العمل تقضي الحرص على إرضاء الزبائن وعدم إزعاجهم. تشكو ريم من المعاملة بدونية من بعض الزبائن، لكنها لا تكترث لهم، وترى أن هذه آفة اجتماعية ونظرة رجعية لطبيعة عملها.
نجحت ريم كما أهلها في تخطي موروثات اجتماعية قديمة تتعلق بطبيعة عمل المرأة، لا سيما المحجبة، وهي تخطو بثبات نحو بناء مستقبلها.