غسان سعودوحدهم سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونبيه بري وميشال عون وحسن نصر الله ووليد جنبلاط وميشال سليمان يعرفون تفاصيل الطبخة الحكوميّة. وحتى مستشاروهم الأقربون والنواب وأقرب الناس إليهم لا يملكون صورة كاملة عن التقلّبات التي تخضع عند الأفرقاء المسيحيين لمردود الحقيبة المطالب بها على صعيد الانتخابات النيابيّة، وعند حزب الله للانعكاسات على صعيد حماية أمن المقاومة، وعند حركة أمل لزيادة مغانم السلطة، وعند تيار المستقبل لعدم الظهور مظهر الخاسر أو المتراجع.
ورغم تجنّب معظم النواب إدخال أنفسهم في «معمعة الأسماء»، كما يصفها النائب محمد الحجّار، فإن ملامح جديدة للحكومة الموعودة تزداد وضوحاً شيئاً بعد شيء. وبحسب المعلومات، غير الأكيدة، فإن حركة المشاورات الضيقة تكثفت خلال اليومين الماضيين وسط إجماع الأطراف الأساسيين على ضرورة تأليف الحكومة، وبالتالي التنازل بعضهم لبعض كي يتمكن كل فريق من تحصيل أفضل ما يمكن بأقل الخسائر الممكنة عند الفريق الآخر.
ويقال إن الموالاة والمعارضة اتفقتا على صعيد الحقائب السياديّة، لكن خرق التوافق جاء من رئيس الجمهورية هذه المرة، إذ تخطى «فخامة التوافقي» حقّه بوزارة سياديّة وفق اتفاق الدوحة مطالباً بوزارتي الداخلية والدفاع. وهو ما يفتح الباب أمام تغيرات تطاول التشكيلة الحكومية برمتها. إذ يقال إن عون وحزب الله يتشاركان في رفض هذا الأمر، عون لأنه يمثّل تحدياً مباشراً له من عضو تكتّله السابق ميشال المر، وحزب الله لكونه يعرف دور الوزير الياس المر في ما يتعلق بشبكة اتصالات الحزب.
ومن هنا، يبدو أن ثمة سيناريوهين، يقضي الأول بإصرار المعارضة على رفض هذا الأمر وتحميل الرئيس سليمان مسؤوليّة شلِّ عهده بيديه نتيجة تمسّكه بالمر لأسباب غير مفهومة. ويتحدث الثاني عن احتمال حصول مقايضة بين المعارضة والموالاة تقضي بموافقتها على توزير المر لقاء تولّي وزيرين عونيين لوزارتي العدل والأشغال العامة، ويكون الوزير العوني الثالث وزير دولة أسوة بأمين الجميّل وسمير جعجع. إضافة إلى اتفاق سليمان وعون على الأسماء التي يطرحها وزير الدفاع لقيادة الجيش والأجهزة الأمنيّة الأخرى، علماً بأن ثمّة كلاماً عن احتمال رد عون على تراكم «الاستفزازات المرّة» بقبوله توزير المر وإعداده بهدوء لخوض انتخابات المتن الشمالي في لائحة يرأسها بنفسه، الأمر الذي يتوقع أن يخلط المعادلات ويؤدي إلى مفاجآت.
والأرجح أن حزب الطاشناق، الواضح في تحالفاته، سيكون مع عون مهما كانت خياراته، فيما تصدر تأكيدات من المعارضة أن حزب الله غضَّ النظر عن طلبه السابق مقايضة أحد المقاعد الشيعيّة بمقعد سنّي لأحد حلفائه بعد ما لمس حجم الصراع بين القوى السنّية في المعارضة لشغر هذا الموقع، مع العلم أن تيار المستقبل كان حاسماً في رفض المقايضة المذكورة.
وبالعودة إلى التشكيلات المتداولة، تتقاطع المعلومات حول حصول الموالاة على ست حقائب خدماتية والمعارضة على أربع، إذ تراجع الوزير الصفدي عن مطالبته بوزارة الأشغال العامة والنقل لقاء حصوله على وزارة الطاقة والمياه، فيما يحصل العونيون على وزارة الأشغال العامة والنقل، ورئيس الكتلة الشعبية الياس سكاف على وزارة الزراعة (يتنازل بري عن هذه الوزارة لقاء تراجع عون عن مطالبته بحقيبة الصحة). وتشغل حركة أمل وزارة الصحة وحزب الله وزارة العمل. أما تيار المستقبل، فتشير المعلومات الأوّلية إلى رغبته في الحصول على التربية، والرئيس الجميّل على الصناعة، فيما يحصل النائب بطرس حرب على الشؤون الاجتماعية، والحزب التقدمي الاشتراكي على وزارة المهجرين. وتبقى بذلك وزارة الاتصالات التي يدور سجال في شأنها تحت الطاولة بين حزب الله وتيار المستقبل، وسط توقع المصادر القريبة من الرئيس المكلف أن تعطى لنائب مستقبلي يحظى بثقة حزب الله. فتكون بذلك حصة الموالاة من هذه الوزارات ست حقائب، وحصة المعارضة أربعاً.
تبقى 7 وزارات تراوح مكانتها العمليّة بين وزارات الدولة والوزارات الخدماتيّة، فيشغل تيار المستقبل وزارة العدل، الحزب التقدمي وزارة الإعلام، القوات اللبنانيّة وزارة السياحة (أو وزارة الثقافة، إذ يدور نقاش مع حركة أمل بشأن هذه الحقيبة)، آل المر وزارة الشباب والرياضة، وحزب الطاشناق وزارة البيئة.
أما وزارات الدولة العشر، فتتوزع بين واحدة لرئيس الجمهورية، ثلاث للمعارضة (الوزير السابق طلال أرسلان، وزير عوني، ووزير من حزب الله)، وست للأكثرية (جعجع، أزعور، جان أوغاسابيان وثلاثة آخرون).
وفي موازاة هجمة التوقعات التي يتسلّى بها بعض النواب، ينبّه البعض إلى أن يد الخارج لا تزال مرفوعة بالكامل عن هذا الملف، الأمر الذي يعني، بحسب أحد المتابعين، أن التباينات بين القوى السياسيّة لم تنضج بعد على نحو يستدعي تدخلاً (قطرياً؟) للمعالجة، وبالتالي فإن لا شيء يستدعي القلق.