نسرين زهر الدينتطرّق خطاب القسم إلى إعادة الجنسيّة للمغتربين بعد تجاهل طويل لهذا الملف المعروف عنه أنه مطلب مسيحي قديم. وقد شكّلت إثارته مجدداً ارتياحاً لمن عمل طويلاً على إيفاء المسألة حقّها. وينصّ قانون الجنسيّة اللبناني على شروط تعجيزيّة لاسترداد الجنسيّة، تتمثل بالإقامة في لبنان ثلاث سنوات متواصلة، والتخلّي عن الجنسية الأخرى في بلاد الاغتراب.
وكان النائب في كتلة التغيير والإصلاح نعمة الله أبي نصر قد تقدّم في عام 2003 باقتراح قانون في المجلس النيابي يُسهّل إعادة الجنسيّة للمتحدّرين من أصل لبناني. إذ يشترط على هؤلاء الإقامة المتواصلة لثلاثة أشهر في البلاد وإثبات أصولهم اللبنانيّة كشرطين وحيدين للحصول على الجنسيّة، وذلك تسهيلاً وتشجيعاً لهؤلاء عبر تخفيف الشروط التي يصفها أبي نصر بالتعجيزيّة.
أُحيل هذا الاقتراح على لجنة الإدارة والعدل لمناقشته، وهي بدورها أحالته على لجنة متفرّعة عنها لدراسته بين عدد أقلّ من النوّاب. لكنّ عمليّة «التصغير» هذه لم تحلّ دون اختلاف أعضاء اللجنة الفرعيّة حوله بسبب خوف بعض النواب المسلمين من أن يُسبّب إقراره اختلالاً في التوازن الديموغرافي بين الديانتين. حتى اليوم، اقتراح أبي نصر لا يزال ينتظر موافقة عليه أو تعديلاً له أو رفضاً.
ويأمل النائب خيراً من إثارة خطاب القسم لهذا الموضوع. وكان قد أبرق إلى الرئيس ميشال سليمان شاكراً بهذا الخصوص. كما يعد النائب «العنيد» بمواصلة العمل من أجل إقرار ما يراه حقاً للمغتربين.
ينتقد أبي نصر حكومات ما بعد اتفاق الطائف التي «تتلاعب بديموغرافيا البلد لمصلحة طائفة معينة». ويُدافع عن اقتراحه بالتأكيد أن القانون لن يحدث خللاً في التركيبة الديموغرافية للبلاد، بل يبقي التوازن بين الأديان قائماً، ويلفت إلى أن واقع الاغتراب الحالي يُرجّح كفّة «المسلمين أكثر من المسيحيين» لجهة العدد، ويتّهم الحكومة بـ«التقصير بحق المقيمين والمغتربين معاً».
وينفي «تهمة» الاستفادة المسيحيّة من هذا الملف، رغم كونه مطلباً قديماً للمسيحيين، ويقرّ بـ«كسل» في صفوف المسيحيين في قيامهم بإجراءات الحصول على الجنسيّة، ولا سيما الجيل الثاني والثالث من المغتربين، نتيجة انصهارهم الكامل في مجتمعات الاغتراب.
من جهته، يقدّر نائب القوّات اللبنانيّة أنطوان زهرا للرئيس سليمان تطرّقه إلى هذا الموضوع في خطاب القسم، معتبراً توقيته أكثر من مناسب بعدما تجاهله الرؤساء السابقون. ويرفض القول إنه مطلب فئوي أو مسيحي بدليل أن العقود الماضية شهدت اغتراباً مسلماً كثيفاً، «مما يُمكّننا من الكلام على توازن بين الديانتين خارج لبنان». ويشير إلى تحمّس نواب غير مسيحيين كالنائب أنور الخليل لإقرار القانون كدلالة على عدم طائفيّة المطلب. ويعترف زهرا بأن إقرار القانون يطمئن المسيحيين رغم كونه يخدم مصلحة وطنية جامعة.
ويؤكّد عبر علاقاته بجاليات الاغتراب، ولا سيما المسيحية منها، حماسة هؤلاء للاستثمار في لبنان، غير أن ذلك مشروط بالاستقرار الاقتصادي والسياسي. ويصف المرحلة الحالية بأنها «تحت الاختبار» لجهة تحقيق الاستقرار والنهوض الاقتصادي المرجو، متحدثاً عن كتل نقديّة لبنانية «هائلة» في الخارج قد تصل استثماراتها إلى 5 مليارات دولار.
حتى الآن لا يزال الاقتراح عالقاً في أدراج لجنة الإدارة والعدل. وعبّر النائب أبي نصر عن نيته بمطالبة رئيس اللجنة روبير غانم بإدراجه على جدول الأعمال لمناقشته في جلسة المجلس المقبلة، رغم اعترافه بقلّة الحماسة في صفوف المغتربين، وهو الرأي الذي يشاركه فيه الكثير من المراقبين. وينتظر الاقتراح جلسة المجلس النيابي المقبلة ليتحدّد مصيره، رغم تقدّم قانون الانتخاب خلالها على غيره من الشؤون.