رامي زريقاتخذت الحكومة الكندية، أخيراً، قراراً بضبط التجارة بالعلاجات «الطبيعية» المركّبة من الأعشاب من خلال التعامل معها كأنها أدوية طبية مثل تلك التي تباع في الصيدليات. ويبدو أن السبب الرئيس لهذا القرار هو ضرورة حماية المستهلكين، والتأكد أن المنافع المنسوبة للعلاجات العشبية حقيقية ومبنية على تجارب علمية، وأنها لا تمثّل خطراً على مستهلكيها. فقد اضطرت الحكومة الكندية، منذ فترة، إلى سحب عدة مركّبات صحية طبيعية من الأسواق بعدما اكتشفت أنها تُضر بالصحة. كانت ردّات فعل العديد من الكنديين قوية دفاعاً عن العلاجات الطبيعية. وتعدّدت الأسباب التي دفعت المواطنين للاعتراض على هذا القرار، فمنهم مَن اتهم لوبي الصناعات الصيدلانية بمحاولة إلغاء الصيدلة البديلة والتفرّد بسوق العلاجات بحسب قوانين المنظومة الرأسمالية المتوحشة. أما آخرون، فتعالت أصواتهم دفاعاً عن حق الفقراء الذين، بحسب المدافعين، يتّكلون على العلاجات الطبيعية لعدم قدرتهم على شراء الأدوية الصيدلانية.
لا شك في أن الصناعات الصيدلانية تمثّل قوة ذات نفوذ اقتصادي وسياسي هائل، وأن الشركات نفسها تخوض معارك ضارية ما بين بعضها بعضاً، وأنها لو استطاعت أن تجعل من كل مواطن صيدلية نقّالة فلن تقصّر، وأن شراءها لضمائر بعض الأطباء تكشف تماماً استراتيجياتها في تكوين وزيادة رأس المال. إلا أن الشركات التي تصنّع وتسوّق العقاقير الطبية «الطبيعية» لا تقل رأسمالية وشراسة عن أخواتها الكبرى وتخوض معاركها بالضراوة نفسها، فهي أيضاً شركات كبرى، محلية كانت أم أجنبية، لا يهمها الفقير، تكوّن أموالها بالطرق نفسها التي تعتمدها أكثر الشركات الكبرى والتي ترتكز على شراء الضمائر والمهنية. وبما أنها وجدت ضمائر ومهنية الأطباء محجوزة، فتحت لنفسها سوقاً جديدة ضمن الفضائيات.