بسام القنطاروتوجهت عائلة الأسير عبد الله الذي استنفد حكمه القانوني في عام 1999، إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بمذكرة ناشدته فيها «النظر بقضية الأسير عبد الله الإنسانية والعمل على الإفراج عنه، وتبني مطلب تحريره من خلال السعي لدى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي سيلتقيه».
وتضامناً مع قضيته، نظمت اللجنة لقاء في فندق «الماريوت» أمس، بحضور ممثل النائب العماد ميشال عون القيادي في «التيار الوطني الحر» رمزي كنج، ممثلين عن الأحزاب والقوى والفصائل اللبنانية والفلسطينية، وعدد من الفاعليات. وتلا عضو اللجنة هادي بكداش المذكرة الموجهة إلى رئيس الجمهورية، وفيها «إن جورج عبد الله مواطن لبناني، من مواليد القبيات عكار 1951... وهو يقضي اليوم عامه الـ24 داخل الزنازين الفرنسية، قد استنفد حكمه القانوني في عام 1999، وكان قد استوفى بموجب القانون الفرنسي كل الشروط المطلوبة للإفراج عنه، التي من ضمنها سلوكه الحسن، وكل مقوّمات تقديم المساعدة له، والشروط التأهيلية المترتبة عليه، ليتمكن من ممارسة رسالته التعليمية، لأنه كان مدرّساً في ملاك وزارة التربية في لبنان، وتخرج من دار المعلمين في بيروت، وقد أقرت السلطات القضائية الفرنسية أن وضعه النفسي سليم ومعافى، ولا يمثّل خطراً على أحد، وهذا متوافر في كل التقارير والملفات الطبية التي أشرفت على وضعه من جانب السلطات الفرنسية».
ووجه رئيس بلدية القبيات عبدو مغفور عبدو نداءً إلى الرئيس ساركوزي، مناشداً إياه السعي الفوري للإفراج عن عبد الله. وقال: «هذه القضية من زمن ولّى وآن الأوان لإطلاقه».
وقال شقيق الأسير الدكتور جوزيف عبد الله: «لسنا في وارد إقناع أحد بما قام به، فقط سنطرح قضيته من زاوية إنسانية لا استعطائية، فمن شروط المطلب الإنساني أن نحترم المجرم ولو كان مداناً، وجورج مدان وليس مجرماً». وطالب بتطبيق القوانين الفرنسية على شقيقه جورج، «إذ إنه استوفى بموجب هذا القانون كل الشروط المطلوبة للإفراج عنه». وانتقد تقصير الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ اعتقال شقيقه إلى اليوم، وصمتها عن هذه القضية وعدم مطالبتها به، «لا سيما أنه مواطن لبناني ومن حق دولته أن تهتم به». وأبدى عتبه على نقيب الصحافة «الذي لم يسمح لنا بعرض هذه المظلمة في دار النقابة»، متسائلاً «عن سبب رفضه تنظيم هذا اللقاء التضامني». وكانت مداخلات لكل من النقابي محمد قاسم، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال، الشيخ ماهر مزهر عن «تجمع العلماء المسلمين»، الشيخ شريف توتيو عن «جبهة العمل الإسلامي»، المحامية مي الخنساء، سفير المنظمة العالمية لحقوق الإنسان علي عقيل خليل.
وأجمعت الكلمات على اعتبار قضية الأسير عبد الله قضية وطنية، وضرورة رفع الصوت عالياً، وخصوصاً مع زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي من أجل إطلاقه، داعية الرئيس سليمان إلى إدراج قضيته في لقائه معه.
وقدم المتحدثون اقتراحات عدة منها: الطلب إلى الحكومة الجديدة إدراج هذه القضية وغيرها من مثل هذه القضايا في بيانها الوزاري، ومتابعتها حتى استعادة كل بطل أو مقاوم أينما وجد. كما اقترح الوزير السابق الدكتور عصام نعمان أن يصار إلى تنظيم مذكرة ترفع إلى الرئيس الفرنسي بواسطة البريد الإلكتروني إلى السفارة الفرنسية.
واختتمت الاقتراحات بالتمني على الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله تبني هذه القضية، وضمّها إلى قضية الأسرى والمناضلين في السجون الإسرائيلية.
تجدر الإشارة إلى أن محكمة الإفراج المشروط الفرنسية، وفي خطوة مفاجئة، قررت في أوائل شهر نيسان الماضي، نقل ملف عبد الله من «لجنة إعادة النظر بالأحكام» إلى لجنة خاصة للنظر بدرجة خطورته، تطبيقاً لـ«قانون داتي»، على أن يصدر القرار في 4 أيلول 2008. ويقضي «قانون داتي» الصادر مطلع عام 2008 بتمديد بقاء السجين قيد الاعتقال ولو توافرت شروط الإفراج عنه. ولاقى هذا القانون رفض نقابات القضاة والمحامين و«مرصد السجون» ولجنة حقوق الإنسان واعتراضها، لأنه ينتهك الحريات العامة الأساسية، ويقضي بالاعتقال دون توافر واقعة جرمية، بل لمجرد الظن بإمكان الإقدام على ارتكاب جرم ما. وهذا ما دفع الصحيفة الفرنسية «لو كانار أنشينيه» إلى نشر القانون وتذييله بتوقيع «هتلر العصر».
يُشار إلى أن السلطات الفرنسية اعتقلت عبد الله بتاريخ 24/10/1984، بعدما لاحقته في مدينة ليون الفرنسية مجموعة من الموساد وبعض عملائها اللبنانيين. ولم تكن السلطات الفرنسية، الأمنية والقضائية، تبرر اعتقاله بغير حيازة أوراق ثبوتية صحيحة ـــ مزورة: جواز سفر جزائري شرعي بغير اسمه الفعلي.
اتخذت «محكمة الإفراج المشروط»، في مقاطعة بو (Pau) الفرنسية، في 19 تشرين الثاني 2003، قراراً بإطلاق سراحه، وحدّدت تاريخ 15 كانون الأول 2003 موعداً لتنفيذ القرار والإفراج عنه. لكنّ النيابة العامة الفرنسية تقدمت باستئناف فوري للقرار، بناءً على طلب من وزير العدل الفرنسي بربين Perben. مما أوقف قرار المحكمة، وأعادت النظر بالأمر «المحكمة الوطنية للإفراج المشروط» في 16 كانون الثاني 2004. كما أن المخابرات الفرنسية، «ديه إس تيه»، تدخلت مباشرة في محاكمته عام 2007، ووجّهت كتاباً للقضاة تعلن فيه أن الإفراج عن جورج عبد الله سيمثّل حدثاً مهماً في لبنان، ما يعني الطلب من القضاء الخضوع لمطلب الإدارة الفرنسية بعدم الإفراج عنه.