عفيف ديابرفع تيار المستقبل في البقاع من وتيرة عمله التنظيمي على أكثر من جبهة للملمة الآثار السلبية التي أُصيب بها جراء الأحداث الأمنية التي عصفت بالبلاد بعد الثامن من أيار، وخاصة أن تولي الشارع مباشرة إدارة المواجهة مع القوى المعارضة في المنطقة أصاب التيار بجروح بالغة أشعرت قياداته بأن ما بني خلال الأعوام الماضية قد سقط بلمحة البصر، مما أعطى انطباعاً أن «التيار كان نمراً من ورق» وفق وصف أحد المتابعين الذين ينشطون اليوم على أكثر من محور لإعادة بناء ما تهدّم. ويخشى المراقبون من عدم التورّع عن استعمال سلاح التحريض المذهبي. وأظهرت الأحداث الأخيرة في منطقة البقاع خاصة أن مسافة شاسعة كانت تفصل ما بين قواعد التيار وقياداته التي ستقف اليوم لمواجهة مبدأ «المساءلة والمحاسبة» عما جرى، وتحديداً في البقاع الغربي الذي يعتبر الخزان الأكبر للمستقبل ويوفر له المدد الشعبي في الاحتفالات والمهرجانات، ويعول عليه في الانتخابات النيابية المقبلة، إذ بدأت شخصيات مقربة من تيار المستقبل في المنطقة تلحظ استعدادات بعض قوى المعارضة المحلية تحضيراً للانتخابات المقبلة، «بينما التيار يتلهّى بأمور القيل والقال، والفساد المالي» على حد تعبير شخصية معتكفة عن العمل في التيار احتجاجاً على أداء بعض قياداته التي «هربت بسرعة خلال الأحداث الأخيرة».
ويقول أحد المتابعين من داخل تيار المستقبل في البقاع إن نقاشاً واسعاً يدور في الغرف المغلقة لتقويم أداء بعض المسؤولين في التيار خلال الأحداث الأخيرة ومدى التواصل مع القواعد الشعبية التي تركت تواجه مصيرها وحدها وبإمكاناتها الذاتية المحدودة.
ويضيف أن «الحالة الشعبية لتيار المستقبل في البقاعين الأوسط والغربي كانت وفية وأمينة، ووقفت بحزم تدافع عن وجودها ومشروع التيار السياسي في ظل غياب تام لعدد من القادة المحليين والمركزيين الذين آثروا الابتعاد حتى لا نقول الهرب. وكشفت الأحداث الأخيرة مدى هشاشة وضعف قادة فرضوا للأسف فرضاً على قواعدنا الشعبية التي كانت أكثر منهم وعياً للأمور، حيث لم نكن نستمع إلى أصوات المعترضين أو المحتجّين وملاحظاتهم التي بدأنا نأخذها بعين الاعتبار ونحاورهم بهدوء»!
قادة فُرضوا للأسف فرضاً على قواعدنا الشعبية التي كانت أكثر منهم وعياً للأمور».
ويمضي قائلاً: «للأسف الشديد بعض القادة في تيار المستقبل، وفور بدء الحوادث، فتحوا قنوات اتصال مع بعض قوى المعارضة من أجل مصالحهم الشخصية، وانكشف أمرهم بسرعة وأثبتت علامات الاستفهام التي كانت ترسم حولهم صحتها في بعض الأحيان. لقد كشفت الأحداث الأخيرة حجم الفساد المالي وارتباط بعض رموز التيار في البقاع بأجهزة أمنية حزبية لبنانية ورسمية سورية».
ويؤكد المتابع من داخل تيار المستقبل أن «المساءلة والمحاسبة» التي شرعت فيها الهيئات التنظيمية في التيار «لا بد لها من إتيان ثمارها على وجه السرعة حتى نتفرّغ للانتخابات النيابية المقبلة».
ويضيف: «على الجميع أن يفهم أن تيار المستقبل ليس جمعية خيرية، فهو حركة سياسية أولاً وأخيراً، وهذا أمر محسوم، ولكن للأسف بعض القادو حولوا التيار إلى جمعية للتنفيعات والمحسوبيات الشخصية على حساب مصالح قواعدنا الشعبية التي ظلمت مرتين: مرة حين فرضنا عليها أشخاصاً فاسدين، ومرة حين أشعرنا هذه القواعد بأنها مجرد أرقام نساوم عليها في المواسم».