ورث رجل ستيني أرضه عن والده، وكان يسمح طوال سنين لأهالي المنطقة باستخدام جزء من أرضه للوصول إلى ممتلكاتهم والتنقل بين القرى. أما الطرق الرسمية فتقتصر على اثنين، استملكتهما الدولة بمراسيم ونفذت عليهما بعض الأشغال. اليوم، تريد البلدية تعبيد الطريق المملوكة من المواطن المذكور، من دون موافقته، ومن دون أي مسوغ قانوني
البقاع ــ رامح حمية

استنفد الحاج عبد علي حيدر (في العقد السابع من العمر)، ابن بلدة كفردان البقاعية، كل السبل القانونية لرفع يد كل من الدولة اللبنانية وبلدية شمسطار عن أملاكه الخاصة، التي تسعى الجهتان المذكورتان إلى تحويلها طريقاً عامة، على الرغم من وجود طريقين بديلين. الطريق الأول مستملك بمرسوم رقمه 2584، والثاني نفّذت عليه بعض الوزارات عدداً من المشاريع، كالصرف الصحي والمياه، إلا أن هناك إصراراً على تعبيد الطريق غير المستملك.
الحاج عبد علي حيدر أوضح في حديث لـ«الأخبار» أن بلدية شمسطار ترفض اعتبار طريق كفردان المستملك من الدولة بموجب مرسوم رقمه 2584 صادر بتاريخ 10/9/1965 الطريق الأساسي الذي ينبغي تعبيده وتأهيله، وتصر على وضع اليد بصورة تعسفية على عقاراته الخاصة (محاضر زرقاء 2400 سهم: أرقامها: 105، 106، 127، 130) التي تقارب مساحتها 70 دونماً. ورأى أن البلدية تعدّه «طريق أمر واقع» وبديلاً أوفر لها لناحية تكاليف التأهيل والتعبيد، مشيراً إلى وجود «العديد من الكتب الرسمية الموجهة للوزارات والإدارات الحكومية التي اعترفت جميعها بمنع التعدي وعدم التنفيذ على الطريق لعدم وجود استملاك».
ولفت حيدر إلى أنه منع البلدية من تعبيد الطريق 5 مرات بدءاً من عام 2000 وبالطرق القانونية وقال: «لقد تقدمت بطلب إلى المديرية الإقليمية لوزارة الأشغال في زحلة لمنع التعدي على أملاكي الخاصة، فقابلته البلدية بطلب تعديل أشغال. كما تقدم نواب المنطقة وبعض رؤساء البلديات بطلب استملاك رسمي لعقاراتي، إلا أن طلبهم رُدّ بموجب قرار صادر عن المدير العام للطرق والمباني فادي قمير الذي قال فيه: لا يوجد أي مرسوم استملاك أو تخطيط، لذلك لا يمكن استملاكها ولا يمكن تنفيذ أي طريق عليها».
وأمام زحمة الإفادات العقارية والمحاضر والخرائط، تساءل الحاج عبد علي عن الجريمة التي اقترفها حتى يتعرض لكل هذه الضغوط، وحتى تتعرض له دورية من مخابرات الجيش داخل منزله، وتنفّذ حقه ما يشبه الاختطاف قبل 6 أشهر، بحسب تعبيره، حيث حضر أحد أفراد المخابرات قائلاً له: «المعلم بدو يشوفك». وعند إصرار حيدر على معرفة هوية المعلم، تقدم رجل المخابرات منه محاولاً حمله، فسارع حيدر إلى ضربه بالعصا، ولكن رجل الأمن تمكن من حمله ونقله إلى سيارة، ومنها إلى ثكنة أبلح حيث عاجله عسكري بالسؤال «إنت اللي مسكر الطريق؟»، فأجابه الحاج: «أنا معاون أول في قوى الأمن الداخلي (متقاعد) وأعرف القانون أكثر منك. الطريق ملك والدي ومعي ما يثبت ذلك».
وتابع حيدر قائلاً: «أخذوني إلى المقدم (غ) الذي أشار إلى معرفته بالقضية، وطلب مني مقابلة العميد (غ. خ.) في اليوم التالي. في الموعد المحدد استضافني العميد على فنجان قهوة وطلب مني الاجتماع مع أحد النواب للتفاهم، إلا أن النائب لم يحضر، بل أرسل نائب رئيس بلدية شمسطار الذي تعهّد، بعد إطلاعه الجميع على المستندات والإفادات العقارية، ألا يتعرض لي مرة أخرى وأن البلدية ستنفّذ الطريق البديل المستملك فعلياً».
القضية لم تنته عند هذا الحد، بل تطورت لتأخذ منحىً تصاعدياً، فقد أكد الحاج عبد علي «أن وزارة الأشغال اقتنعت بعدم أحقية تعبيد الطريق لافتقارها إلى مرسوم استملاك، الأمر الذي دفعها، أمام إصرار بلدية شمسطار على تعبيده ولو بالقوة، إلى توجيه كتاب إلى البلدية تشير فيه إلى عدم مسؤوليتها عن تداعيات ما يمكن أن يحصل. أما بلدية شمسطار فقد أخذت الأمر على عاتقها وأرسلت كتاباً إلى قائمقامية بعلبك تطلب فيه تأمين المؤازرة الأمنية لتزفيت الطريق غير المستملك».
وخلص حيدر إلى القول: «ما دام هناك شهية لدى البعض للتعدي علينا وأخذ أملاكنا الخاصة بصورة تعسفية، فهذا سينتج منه أضرار خطيرة تتحمل مسؤوليتها الجهة السياسية المسؤولة عن الأمر».

رئيس البلدية: الدولة هي المسؤولة

رئيس بلدية شمسطار فاضل الحاج حسن أوضح لـ«الأخبار» أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الدولة، وخصوصاً على وزارة الأشغال العامة، لأن الطريق عام، وهي المسؤولة عن استملاكه.
وأضاف أن الدولة اللبنانية أخطأت باستملاك طريق الأوتوستراد بسبب طوله، في حين أنها تركت طريق عبد علي حيدر رغم قصره وقلة تكاليفه.
وتابع الحاج حسن: «إن طريق عبد علي حيدر ذات منفعة عامة تعود على المنطقة بأكملها، وقد استُعمِلت منذ 60 سنة، وهي تربط غربي بعلبك بمدينة الشمس، وقرى الغربي بعضها مع بعض بالإضافة إلى أن جيرانه يستفيدون بالمرور عليها ومداخل بيوتهم عليها، لذلك لا بد من تنفيذ الطريق».
وأكد رئيس البلدية أنه طلب المؤازرة الأمنية مخافة أن يقوم عبد علي بأي عمل لأنه أقدم سابقاً على إزاحة البحص عن الطريق بجرافة.
مصدر في مخابرات الجيش أكد لـ«الأخبار» أن «اتصالاً أجري مع المدعو حيدر وتمت دعوته إلى أبلح لاستيضاح بعض الأمور فقط وهذا ما جرى».
عبد علي حيدر وأبناؤه بدأوا أمس تأهيل الطريق الثاني، «بمبادرة طيبة منهم ومساعدة للبلدية، بكلفة تصل إلى 7500 دولار. وعلى هذه المساعدة علق رئيس البلدية بالقول إن هذه الطريقة «ما بتمشي، لأن الطريق بحاجة إلى تأهيل بأسلوب آخر».