نيويورك ـ نزار عبودنجحت الولايات المتحدة وإسرائيل بمساعدة الحكومة اللبنانية في 5 حزيران الحالي في تغيير مهمة اليونيفيل وإضافة دور جديد لها يمنح إسرائيل الحق الدولي في خرق السيادة اللبنانية على كل الصعد. ففي قرار التجديد لقوات اليونيفيل لسنة 2008 ـــــ 2009 ، الذي تناولت «الأخبار» سابقاً الجانب المتعلق بمكتب تل أبيب منه، أُضيفت عبارة حساسة كانت قد رُفضت العام الماضي. وهي تتعلق بـ«الإنجاز المتوقع» لمهمة اليونيفيل، بحيث باتت تنص على تأمين «بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان».
والبيئة المستقرة والآمنة، في جنوب لبنان كما حددها قرار الجمعية العمومية (751/ 2008) الذي صدر الخميس الماضي تشمل أربعة بنود:
الأول، عدم حصول غارات جوية وبرية وبحرية وإطلاق نار عبر الحدود.
الثاني، انتشار الجيش اللبناني في المنطقة الواقعة جنوبي الليطاني، بما في ذلك بلدة الغجر.
الثالث، ضمان خلو المنطقة الواقعة جنوبي الليطاني من أي سلاح إلا سلاح الجيش واليونيفيل.
الرابع، مشاركة الجيش واليونيفيل في اجتماعات فريق التنسيق الثلاثي وإقامة ترتيبات الاتصال والتنسيق.
المفارقة أن القرار صدر قبل 25 يوماً من نهاية فترة الولاية الحالية لليونيفيل (آخر حزيران 2008). كما أن التجديد للجنة التحقيق الدولية من أسبوع في مجلس الأمن الدولي جرى قبل مدة مماثلة من نهاية ولايتها (في 15 حزيران 2008).
وقال دبلوماسي لـ«الأخبار»، إنّ «هناك قلقاً وهلعاً لدى الدول الغربية في مجلس الأمن من إمكان أن تواجه عمليات التجديد شروطاً من أي حكومة لبنانية مقبلة تشارك فيها المعارضة، كما أن هناك فرصة في الزمن الرمادي القائم لإمرار ما يمكن إمراره». ويشير الدبلوماسي إلى وجود توجّه للاستفادة من الأيام الباقية من حكومة تصريف الأعمال لتحقيق كل مكسب ممكن، مثل إنشاء مكتب في تل أبيب ذي صلاحيات واسعة.
كيف يحق لحكومة تصريف الأعمال وبعثة الأمم المتحدة قبول تعديلات بهذه الخطورة، سواء بالنسبة إلى فتح مكتب بصلاحيات استثنائية في تل أبيب، أو بتغيير الإنجاز المتوقع لليونيفيل؟
في تموز 2007 طلب لبنان التجديد لقوات اليونيفيل لعام آخر وإضافة عبارة «تهيئة بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان» على ولايتها كإنجاز متوقع. وأيدت هذا الطلب الولايات المتحدة وإسرائيل وأوستراليا.
آنذاك رفضت دول عدة هذا الاقتراح بسبب إمكان تأويله، وبحسب تفسير مندوب سوريا، بشار الجعفري، إن «إعطاء حق ارتفاق أمني لإسرائيل داخل الأراضي اللبنانية مفتوح زمنياً ومكانياً، يبرر لإسرائيل الاستمرار في القيام بخروق لسيادة لبنان بذريعة عدم توافر بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان، وفقاً للشروط الإسرائيلية التي لا تتطابق ولا تحترم ولاية اليونيفيل ولا القرار 1701 كما هو معروف ومثبت».
ويضيف الجعفري أنّ الهدف الحقيقي لنشر قوات اليونيفيل «مراقبة الاحترام التام للخط الأزرق بين الطرفين، ووقف الأعمال العدائية».
وبررت بعثة لبنان العام الماضي موافقتها على العبارة الحساسة بوقوع الهجوم المثير للريبة الذي تعرضت له الوحدة الإسبانية في سهل الخيام. وشنّ المندوب الإسرائيلي دان غيلرمان هجوماً على المندوب السوري آنذاك لرفضه العبارة، فقال: «موقف سوريا يعرّض لبنان والمنطقة للخطر...
لذلك تدعم إسرائيل بقوة الإنجاز المتوقع لأنه يمثل بيئة مستقرة وآمنة في جنوب لبنان». وبمراجعة قراءة الخارجية الإسرائيلية للقرار 1701 نجد أنها تطمح إلى تحقيق مثل هذاالإنجاز.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، فيقول في رده على الاستفسارات المتعلقة بزيادة عبارة «البيئة المستقرة الآمنة» إن «الإنجازات المتوقعة تصف الحالة النهائية التي يرغب المجتمع الدولي في تحقيقها، أي الهدف العام المتمثل في إعادة السلام والأمن الدوليين إلى جنوب لبنان كما هو مبيّن في قرار مجلس الأمن 425 (1978)، وإن مؤشرات الإنجاز تستمر في قياس التقدم المحرز تجاه الإنجازات المتوقعة».
ويضيف الأمين العام أيضاً في تقريره عن القوة الدولية أن استعراض الإنجازات المتوقعة ومؤشرات الإنجاز أكد أنها «تتفق تماماً مع الولاية التي حددها مجلس الأمن»، وهو قول غامض ينطوي على تعمية تعبر عن تهرب تام من التزام النص الحرفي لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقرار 1701.
بان كي مون سيبحث الوضع في لبنان عندما يقوم بجولة أوروبية الأسبوع المقبل قبل زيارة الرياض في 14 و15 حزيران الجاري. ويأتي التعديل وفتح المكتب في تل ابيب كـ«إنجاز يمهد لمرحلة مقبلة» حسب تعبير دبلوماسي في نيويورك.