strong>قاسم سهيل قاسمهؤلاء هم اللبنانيون، يربطون كل تفاصيل حياتهم بانتماءاتهم السياسية والطائفية. ولا تشذّ المقاهي المجاورة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ الفرع الأول في الجامعة اللبنانية عن هذه القاعدة، فيختار كل طالب المقهى الذي سيرتاده في سنواته الأربع على أساس هذا الانتماء. هكذا أصبح للشيوعيين مقهاهم، وللمعارضين والموالين مقاهيهم، أمّا المستقلّون، فتوزّعوا على كل هذه المقاهي.
تختلف قصّة كل مقهى، إلا أن أحد هذه المقاهي اشتهر بين الطلاب بسبب أحداث أمنية جعلت من مرتاديه يوصمون بالانتماء إلى فريق 14 آذار وتحديداً تيار المستقبل. عند افتتاحه كان هذا المقهى مقصداً لكل الطلاب «ما دام بعيداً عن الملحدين»، أي المقاهي التي يرتادها الشيوعيون.
وما زاد عدد روّاد هذا المقهى كان منع الحديث بالسياسة «حتى إذا كانت رنة هاتفك تدلّ على انتماء معيّن يجبرك صاحب المقهى على تغييرها» يقول الطلاب.
أحمد من روّاد المقهى ومعروف بانتمائه للمعارضة، إلا أنه تناسى ذلك بسبب علاقته الممتازة بصاحب المقهى «كنّا دائماً شركاء في لعبة ورق الشدة». غير أنّ أحداث جامعة بيروت العربية أتت لتقلب موازين هذه الصداقة، بعدما حمل صاحب المقهى سلاحه ليدافع عن منطقة طريق الجديدة.
بعد هذه الأحداث الدامية، خفّ روّاد المقهى لفترة قصيرة إلى أن هدأت النفوس، واستطاع المقهى أن يتجاوز أغلب المطبات السياسية التي تلت «الخميس الأسود». لم يستمرّ الوضع طويلاً، وخصوصاً أنّ الطلاب أتوا يردّون على كل «لطشة» تطال هذا الزعيم أو ذاك.
بعد الأحداث الأمنية الأخيرة والغياب القصري عن الجامعة فوجئ الطلاب بإغلاق المقهى وإعلان يبشّر بأن الافتتاح سيكون قريباً بإدارة جديدة. وتردّد في أوساط الطلاب أن صاحب المقهى باعه لمجموعة شباب معارضين، كانت ترداد المقهى إلى أن رأت صاحبه يقاتل على «محور كورنيش المزرعة ـ بربور».
ويُجمع الطلاب على أنهم دخلوا هم أيضاً مرحلة جديدة لن يسمحوا فيها لأحد بأن يستفزّهم، فتقول ولاء وهي طالبة في السنة الأولى أدب عربي «أحببت في بادئ الأمر جو الكافيتيريا، وخاصة أنّ نارجيلته لذيذة، ولكنّ الكلام الذي أصبحنا نسمعه عن قادتنا جعلنا ننفر من المحل». توافق زميلتها مريم، على ما تقوله وتضيف: «لاحظت انتماء صاحب الكافيه من الشريطة التي يضعها حول معصمه، ومعاملته لنا كانت جيدة في البداية، ثم أصبحت تسوء حتى إنه بات يهزأ بنا مؤخراً».
أما صاحب المقهى الملاصق وبعد سؤاله عن صحة ما يُتداول بين الطلاب، فأكد أنه لا يستبعد شيئاً وخصوصاً أنه كان معروفاً عنه مهاجمته لقيادات كبيرة في المعارضة»، ويضيف: «تمنّيت عليه سابقاً أن لا يتدخل في هذه الأمور، وخصوصاً أن زبائنه من مختلف الانتماءات والتيارات وكان عليه أن يحافظ عليهم».
ربما استطاعت «الليخة» أن تجمع المتخاصمين، وأن يكونوا «شراكة» في الفترة السابقة ولكن اللعبة انقلبت اليوم إلى «يهودية»، فأصبح همّ كل واحد منهم انتماءه الشخصي، هذا ما يجمع عليه معظم طلاب الكلية.