نادر فوزسواء ضاقت الأسباب والأهداف أو كبرت، وقعت الاشتباكات في العاصمة وامتدّت إلى سائر المناطق. ويتساءل الجميع إذا كان يستحق قرارا الحكومة ردّة الفعل المسلّحة العارمة التي قامت بها المعارضة ورأس حربتها، حزب الله. يجلس مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، نواف الموسوي، ليجيب عن أسئلة حول حوادث ما بعد 7 أيار، عارضاً قراءته لسياسة الفريق الحاكم التي دفعته إلى اتّخاذ قراري إشعال الفتيل، وما ترتّب عليهما.
ينطلق الموسوي من الوضع الإقليمي، فيذكر الهدوء الذي يسود الملف النووي الإيراني و«اعتبار حلفاء أميركا أنّ إيران في غنى عن أي توتير للأوضاع»، ويعتبر أنّ الأكثرية رأت في الوساطة التركية بين سوريا وإسرائيل ضعفاً آخر للقوى الممانعة في المنطقة. يضاف إلى الأمرين، الزيارة التي كان ينوي القيام بها الرئيس الأميركي جورج بوش إلى المنطقة، والتي من شأنها، مبدئياً، أن تجعل المعارضة تعيد النظر في مواقفها من الدعم الأميركي
للموالاة.
أما في الداخل، فاعتبرت الموالاة، بحسب الموسوي، أنّ التيار الوطني الحرّ لا يملك القدرة على ضبط الشارع بدون حزب الله، وأنّ الأخير يمكن مواجهته ببعض الافتعالات الأمنية فـ«يرتدع عن تحريك الشارع لأنه عاجز عن استخدام سلاحه في الداخل»، فينتهي الأمر بتفويض الرئيس نبيه برّي السير وفق مبادرة إعلان النوايا «التي لا تقدّم شيئاً للمعارضة وتبقي الفريق الحاكم في موقعه».
وكان سيناريو الموالاة، يضيف الموسوي، يقضي بأنّ تتّخذ الحكومة القرارين، وبالردّ على حزب الله في الشارع في حال حصول أي تحرّك احتجاجي، وهذا ما حصل. وإضافةً إلى هذه المواجهة، كان القصد الدفع نحو صدام مسلّح بين حزب الله والجيش، سواء ضبطاً للشارع أو تطبيقاً لقرار إزالة شبكة الاتصالات الخاصة
بالمقاومة.
ويؤكد الموسوي أنّ المعارضة كانت تنوي مواجهة الأمر بواسطة «العصيان المدني فقط»، إلا أنّ الاعتداء على أنصارها أوجب إنهاء المشكلة على النحو الذي حصل به، «بعدما قلنا وحذّرنا من أننا لن نسمح بأن يُقتل أنصارنا في الشوارع، عقب حوادث مار مخايل».
ورداً على إطلاق النار على المعارضين، قام حزب الله بالعملية المسلّحة، دون أن ينفي الموسوي وجود نيّة مبيّنة لدى الحزب لمواجهة أي طارئ أمني، رغم وجود خطط في الأدراج لهذا
الأمر.
«لم يكن هدفنا إطاحة أحد»، يقول الموسوي، مؤكداً أنّ ما جرى من اشتباكات توخّى الحدّ من التهديد المتزايد بإشعال فتنة سنّية ــــ شيعية، ووضع حدود لأوهام بعض القوى، واستباق أي مخطط لتفجير الوضع، «وسحبنا الخنجر من ظهرنا، المتمثل بالحكومة وسياستها وليس بالطوائف أو القوى»، يقول الموسوي.
كما يشدّد على أنّ الهدف الأكيد لم يكن افتعال صدام ولا مع طائفة أو مذهب، كما حاول بعض وسائل الإعلام والفعاليات تصوير المشهد.
ويؤكد الموسوي أنّ بعض قوى المعارضة طلب رفع سقف المطالب بعد العملية العسكرية، «لكننا رفضنا ذلك، لأننا نعي أنه لا يمكن تغيير صيغة البلد، ومطالبنا واضحة وهي تحقيق المشاركة الفاعلة بين القوى».
من مشهد ما بعد 7 أيار إلى الوضع الحالي، يقرّ «وزير خارجية» حزب الله بوجود شرخ شعبي بين الطائفتين السنّية والشيعية، «ولا يمكن معالجة الأمر ما دام التجييش والشحن مستمرّين على قدم وساق، وفي ظلّ وجود خلل في التمثيل السنّي في بيروت». ويلفت الموسوي إلى أنّ الطائفة السنّية مرتبطة بمرجع خارجي وحيد، فيما كانت سابقاً متعدّدة المراجع والتحالف ــــ مصر والسعودية ــــ، «مما يجعل من الطرف الخارجي «عنصر تحديد» أبناء الطائفة السنّية في لبنان».
لا تزال «ردّات الفعل الطبيعية» تنتقل من منطقة لبنانية إلى أخرى، أهمها البقاع (سعدنايل)، لكن الموسوي متفائل باستحالة وقوع حرب أهلية في لبنان. ويقول إنّ ردّات الفعل هذه، وهي عديدة، ستحلّ عبر تقديم المعارضة تقريرها حول التجاوزات والحوادث الأمنية التي «نتعرّض لها على الأصعدة المختلفة».
في النتيجة السياسية لما حصل، يعتبر الموسوي أنّ المعارضة نالت مطالبها في تحقيق المشاركة عبر حكومة وحدة وطنية وإقرار قانون انتخابي جديد، «ولو أنّ الأكثرية تماطل في التنفيذ، ولن يتّخذ قرار بعد اليوم دون موافقة أي طرف سياسي».
ويؤكد الموسوي أنّ البلد يتوجّه إلى تسوية جديدة: «الحصول على 65 نائباً في الانتخابات المقبلة، أو 84 نائباً، يعنيان الأمر نفسه»، أي إنه دون الحصول على ثلثي المجلس النيابي لا يمكن تغيير شيء، والطرفان كلاهما عاجزان عن تحقيق هذه النسبة.
ينتهي اللقاء مع الموسوي بعبارة «نحن نتوجّه نحو تسوية جديدة، لكننا بانتظار حدث كبير، ونحن مستعدون كل الاستعداد له».