هيثم خزعلأينما اتجهت في بيروت وضواحيها وفي المحافظات اللبنانية الأخرى، ستقع عيناك على دعاية للسيجارة الإلكترونية، يقول أصحاب الصيدليات إن سعرها يراوح بين 200 و250 ألف ليرة، أما سعر علبة الكبسولات، فهو خمسة عشر ألف ليرة، وتحوي العلبة خمس كبسولات.
تعمل السيجارة الإلكترونية، كما ورد في الكتيّب الملحق بعلبتها، ببطارية قابلة للشحن ويمكن تدخينها في الأماكن العامة، و هي مكوّنة من بطارية ومبخار وكبسولة لإعادة تعبئة النيكوتين ذي الأربعة مستويات (NO NICOTINE ،HIGH ، MEDIUM ، LOW ) ومعطّر وفيها مادة «بروبيلين غليكول» وهي ملحق غذائي يُستعمل في تقطيع التبغ لحبس الرطوبة.
يجري إدخال كبسولات إعادة تعبئة النيكوتين على شكل فلترات صغيرة، تبخّر وتُستنشق. وفي الكتيب نصائح لمن يريد الإقلاع عن التدخين باستعمال كبسولات النيكوتين بدءاً من المستوى الأعلى (HIGH) لفترة تمتد بين أسبوع وأربعة أسابيع ثم الكبسولة ذات المستوى الأوسط (MEDIUM) من الأسبوع الرابع حتى السابع، بعدها تستعمل الكبسولة ذات المستوى الخفيف (LOW) من الأسبوع السابع حتى العاشر وبعدها تُستعمل الكبسولة الخالية من النيكوتين لمدة أسبوعين.
وفي الكتيّب الذي وزّعته على الصيدليات شركة (MEDATCO)، وهي الشركة المستوردة للسيجارة الإلكترونية في لبنان، أن السيجارة هي بديل صحي للسيجارة التقليدية لخلوّها من معظم الموادّ الضارّة الناتجة من احتراق التبغ. كما يذكر أنها مناسبة للمدخنين الذين يرغبون في إيقاف أو خفض التدخين وغير مناسبة للأولاد والمرأة الحامل أو المرضعة.
يلفت الصيدلي علي عبيد إلى أن كل سيجارة إلكترونية تعادل علبة ونصف علبة إلى علبتين من سجائر الدخان التقليدية، ويتذوّق المدخن النيكوتين ما يسمح لها بالاحتفاظ بنكهة السيجارة التقليدية. السيجارة الإلكترونية متوافرة بنكهات متنوعة.
تقول الدكتورة نجلاء اللقيس، اختصاصية الطب العائلي، إن معظم الأدوية المستعملة للإقلاع عن التدخين كالعلكة واللصقة وغيرهما عالجت عاملين هما الإدمان على النيكوتين ـــــ الذي تراوح فترة الإقلاع عنه بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر ـــــ والإدمان السلوكي أي حمل السيجارة وتدخينها وهو الجانب الأخطر الذي أغفله صانعو السيجارة الإلكترونية. تلفت اللقيس إلى أن من إيجابيات هذه السيجارة خلوّها من القطران والغازات التي تنبعث من عملية احتراق السيجارة العادية، ولكنها تؤكد في المقابل أن سلبياتها هي «تزويد المدخن بالنيكوتين وهو سمّ يُستخدم في مبيدات الحشرات، ويسبّب مشاكل في القلب والشرايين وارتفاعاً في ضغط الدم وتسارعاً في دقات القلب، وغيرها من المشكلات الصحية، كما أن مادة «بروبيلين غليكول» مصرّح باستعمالها كمادة غذائية، لكن استنشاقها بعد التبخّر يمكن أن يسبب مضاعفات صحية». بحسب الدكتورة، فإن بعض من استعمل السيجارة «شكا من تغير النكهة، وأن عملية الشفط أصعب منها في السيجارة التقليدية».
تضيف اللقيس إن السيجارة الإلكترونية صُنّفت في دول الاتحاد الأوروبي كدواء يخضع حالياً لدراسات طبية قبل السماح ببيعه وترويجه، وتؤكد «هذه السيجارة دخلت السوق التركية كمبيد حشري قبل أن توقف وزارة الصحة ترويجها وتصنفها دواءً»، وتخضعها بالتالي للتجارب المخبرية، أما في السعودية، فقد أثارت مشكلة، بعدما حذّرت وزارة الصحة من استخدامها بسبب الترويج لها إعلانيا، «إذ إنه ليس هناك أبحاث أو دراسات طبية تثبت سلامتها من المخاطر الصحية. بينما سمحت الولايات المتحدة في آذار الماضي باستيرادها وبيعها كبديل للسيجارة العادية لا كدواء للإدمان». تختم الدكتورة بالقول «إنها بديل لكنها ليست حلاً».
عبيد يرى أن السيجارة الإلكترونية هي أخطر من السيجارة العادية، لأن الثانية تنذر المدخّن حين تنتهي إما بأن تنطفئ أو بإحراق إصبعه، أما في حالة السيجارة الإلكترونية، فيمكن تدخينها دون توقّف كما تكمن الخطورة في أنه لا يمكن التحكّم في مقدار كمية النيكوتين التي تمر إلى دم المدخّن. ويلفت إلى أن معظم الذين يستفسرون عن السيجارة هم من المدمنين الممنوعين عن التدخين ظنّاً منهم أنها غير ذات ضرر، كما تجتذب أناساً يعتقدون بأنها سيجارة صحية! ولكن كيف دخلت هذه السيجارة إلى لبنان، ومن راقبها؟ ولماذا ساد الاعتقاد بأنها بديل صحي عن السيجارة التقليدية؟
في معرض شرحها عن السيجارة الإلكترونية، تقول نادية الراعي سري الدين مديرة شركة MEDATCO إنها دخلت إلى لبنان كأداة كهربائية لا كدواء وذلك «لتلافي المعاملات الروتينية التي تحتاج إليها الوزارة لإدخالها عن طريق وزارة الصحة» (!)، وقد أخضغت الشركة الكبسولات التي تحمل النيكوتين لفحص في مختبر جامعة AUST فتبيّن أن محتواها مطابق لما جاء في الكتيّب المرفق معها.
بحسب سري الدين فإنه لا أرقام تحدّد كمية النيكوتين الموجودة في الكبسولات. وتقر بأن الشركة تلقّت اتصالات من زبائن جرّبوا السيجارة الإلكترونية فأصيبوا بدوار وغثيان، ولكنها تعزو ذلك إلى الاستعمال الخاطئ للسيجارة، لأنه يجب أن تُستعمل بديلاً للسيجارة التقليدية أي أن يأخذ المدخّن 10 إلى12 سحبة ثم يوقف تدخينها كما أن عملية الشفط يجب أن تكون طويلة وممتدة.
وتضيف إنها طلبت من محطة تلفزيونية لبنانية مستقلة تصوير إعلان عن السيجارة فاقترح مصمّم الإعلان مضموناً يغري المشاهد ويظهر إيجابيات السيجارة، وأكد أن الإعلان يسهل بيع كل الكمية التي المستوردة، لكن سري الدين رفضت وأصرّت على أن يقدم الإعلان السيجارة بديلاً وأن يتضمّن إرشادات بشأن طريقة الاستعمال الصحيحة.
الإعلانات في الطرقات تغري الراغبين في الإقلاع عن التدخين، وأسلوب الترويج للسيجارة الإلكترونية يغفل التحذير من مساوئها، وإذا كانت السيجارة كما توصف «دواء المدخنين» فلماذا لم تخضع للفحوص التي يجب أن يخضع لها الدواء بإشراف من وزارة الصحة؟ ولماذا تُباع في الصيدليات مع أنها دخلت إلى لبنان كآلة كهربائية؟ أما بالنسبة إلى طرحها «كبديل صحي للسيجارة التقليدية فكيف تكون صحية وهي تزود المدخن بالنيكوتين مع ما أسلف عن خطورة هذه المادة؟».
أخيراً كيف تسهم السيجارة في الإقلاع عن التدخين مع استمرار تزويدها المدخن بمادة الإدمان وإغفالها الجانب الآخطر منه وهو الجانب السلوكي؟.