باحثون من الجامعة اليسوعية يطلقون دراستهم الجديدة... وعائلة لبنانية عينة للبحث
ملاك مكي

ساد الاعتقاد طويلاً، أن أعراض الخرف المترافقة مع مشكلات في العظام ترتبط بتغير في بروتين TREM2، وهذا البروتين موجود عند غشاء بعض الخلايا. ولكن تبين أخيراً أنه يمكن معرفة سبب الخرف المبكر الذي لا يكون مترافقاً مع مشكلات في العظم، وقد تمكن باحثون من مختبر علم الوراثة في الجامعة اليسوعية من إثبات أن حذفاً في الجين الذي يرمز إلى البروتين TREM2 يؤدي إلى تغيير في البروتين، ما يسبّب مرض الخرف المبكر، دون أن يكون ذلك مرتبطاً بمشكلات بالعظم.
نُشر هذا البحث أمس، وقد شارك في إعداد الدراسة الدكتور أندريه مغربني والدكتورة إليان شويري والدكتور سلام كوسى (والأخير من مستشفى أوتيل ديو)، كما شارك فيه باحثون من باريس ومارسيلياتأتي نتائج هذا البحث بعد دراسة طويلة أجريت على عائلة لبنانية يعاني ثلاثة من أعضائها الخرف المبكر.
لتأكيد هذه المعلومة، استعان الباحثون بتقنيات علمية دقيقة “RT-PCR”، وعملوا على الموروثات الجينية للمرضى، واكتشفوا أن حذف منطقة في الكروموزوم 6 يؤدي إلى تغيّر في البروتينTREM2 وبالتالي إلى الإصابة بمرض الخرف.
لا تنحصر أهميّة هذا البحث في كشف أسباب الخرف المبكر، بل إنه يزيد من احتمالات تطوّر العلاجات لهذا المرض، ولمرض تكسّر العظم أيضاً.
من المعروف أن الخرف هو عبارة عن تدهور مستمر في وظائف الدماغ، وتنتج منه اضطرابات في القدرات الإدراكية للمُصاب، كالاضطرابات في الذاكرة والاهتداء والتفكير السليم والحكمة. لذلك يفقد كثير من الذين يعانون الخرف قدرتهم على الاهتمام بأنفسهم، ويصبحون في حاجة لرعاية تمريضية كاملة.
يزيد انتشار هذا المرض مع التقدم في العمر، فيصاب به سنوياً 67 إلى 81 من 100000 شخص في العالم، تتراوح أعمارهم بين 45 و65 سنة، ويصيب الخرف 18،1 في المئة ممن تخطوا سن الـ85 عاماً. وثمة أفكار شائعة بأن الخرف لا يصيب المرء في سن الشباب، ولكن هذه الأفكار ليست واقعية، فهناك ما يُعرف بـ«الخرف المبكر» (Early - onset dementia EOD) الذي يصيب الشباب في العقد الثالث من العمر.
تجدر الإشارة إلى أن مرض الخرف من القضايا التي تشغل الباحثين حول العالم، وفي السنوات الماضية عُرف كمرض وراثي، وسُجّلت تطورات بحثية كثيرة تتعلق بمسببات المرض وطريق التعاطي مع المصابين به، وقد لفتت منظمة الصحة العالمية في دراسة منشورة في موقعها الإلكتروني إلى تزايد نسبة الإصابة بهذا المرض في البلدان الفقيرة. كما لفتت الدراسة إلى ارتفاع معدل الأعمار في مختلف أنحاء العالم، وهذا ما يزيد التخوف من ارتفاع نسبة المصابين بالاضطرابات العقلية في العقود المقبلة، ويعد الخرف من أبرز هذه الاضطرابات.
أخيراً، يجدر التنبيه إلى أن تراجع القدرات الذهنية مع التقدم في السن ليس بالضرورة ناتجاً من الإصابة بمرض الألزهايمر، ولا هي إشارة له. وقد يصيب مرض الخرف النساء والرجال على حد سواء، ولكن بما أن معدل أعمار النساء في العالم أكثر ارتفاعاً، فهن أكثر عرضة للإصابة بالمرض.