strong>أعلنت نقابة المحامين في طرابلس عن بدء تطبيق «نظام سلف أتعاب المحاماة»،اعتباراً من اليوم، مشيرة في بيان صادر عنها إلى أن تسجيل الوكالات والدعاوى لاستيفاء السلفة يصبح حصرياً بدار النقابة. لكن تطرح بعض التساؤلات عن مدى تأثير النظام الجديد على نظام العدالة
طرابلس ــ خالد سليمان
السلفة لا تعني تحديداً أو تعرفة لأتعاب المحامي، بحيث إن قيمة الأتعاب تبقى خاضعة لحرية التعاقد، لكن النظام الجديد يفرض على المتداعين دفع سلف أتعاب نسبية ومقطوعة (لا تقل عن مئة ألف ليرة) وفقاً لتصنيف القضايا إلى المحامي. وكان قد أثار الإعلان عن تطبيق النظام الجديد ارتياحاً في صفوف معظم المحامين الذين قابلتهم «الأخبار» في طرابلس أخيراً، رغم التأخير الذي دام أربع سنوات تقريباً. إذ كان المجلس الأسبق للنقابة اتخذ القرار المذكور في جلسته المنعقدة في 20 تشرين الأول من عام 2004، على أن يعمل به بعد 9 أشهر من تاريخ نشره على لوحة إعلانات النقابة في طرابلس ومراكز المحاكم في محافظتي الشمال وعكار. ورأى بعض المحامين أن نظام السلف الجديد يقلل من نسبة اللجوء إلى القضاء ويخفض عمل المحامين، وخصوصاً أنه يكشف العلاقة بين المحامي ووكيله لناحية الأتعاب ويضعها تحت أنظار الموظفين ومجلس النقابة، مما قد يؤثر على استقلالية عمله ويخرق السرية المهنية.
نقيب محامي الشمال عبد الرزاق دبليز قال «إن هذا النظام إلزامي، وعلى جميع المحامين التقيد به، ومن يخالف ذلك لا يمكنه التقدم بأي مراجعة أو دعوى قضائية ما لم يستوف سلف الأتعاب وتصديق الوكالة معاً»، مؤكداً أن نظام السلف هو لحماية مهنة المحاماة والمحامين و«إبعاد المجّانية والتدخلات والمحاباة في عمل المحامي». وأضاف دبليز لـ«الأخبار» أن هناك توجهاً لدى نقابة محامي بيروت ونقابات المحامين في بعض الدول العربية للأخذ بنظام السلف المعمول به في نقابة محامي طرابلس وتطبيقه، مضيفاً أنه سيعمل في مدة ولايته المتبقية على «إعلاء شأن المحاماة والمحامين، واستكمال الإنجازات التي تحققت، وأبرزها إصدار مجلة المحامين بحلة علمية متميزة، وتحديث موقع النقابة الإلكتروني».

كيف يعمل النظام الجديد؟

وبالعودة إلى نظام السلف الجديد، بات على المتداعين بموجبه دفع سلف أتعاب نسبية ومقطوعة (لا تقل عن مئة ألف ليرة) وفقاً لتصنيف القضايا إلى المحامي المقيد على الجدول العام قبل ولوج باب القضاء للدفاع عنهم وتحصيل حقوقهم، وذلك عبر دفع مبلغ من المال في صندوق أنشئ خصيصاً لهذه الغاية في نقابة محامي طرابلس، سمي «صندوق سلف أتعاب المحامين»، كما أنشئ سجل خاص لقيد الدعاوى وتسجيلها. ويُسلّم صاحب العلاقة أو المحامي الوكيل إيصالاً بدفع سلفة الأتعاب يقتطع لمصلحة النقابة نسبة 7% من قيمة السلفة المدفوعة، وعلى الصندوق إعادة الباقي من سلفة الأتعاب للمحامي الوكيل بمهلة 15 يوماً من تاريخ دفع السلفة، وتوزع النسبة المقتطعة للنقابة بمعدل 3% لصندوق التقاعد و4% لصندوق المتقاعدين، على أن يبقى بدل تصديق الوكالة (100 ألف ليرة) لدى النقابة ساري المفعول.
وتستثنى من تطبيق هذا النظام الدعاوى التي تتمثل فيها الدولة والمؤسسات العامة والبلديات، وتلك التي يتمثل فيها أصول المحامي أو فروعه وزوجه وأنسباؤه حتى الدرجة الرابعة، والدعاوى التي يتمثل فيها محام عن زميله، ويتعرض المحامي المخالف لأحكام هذا النظام إلى ملاحقة تأديبية من مجلس النقابة.

أهداف صندوق سلف أتعاب المحامين

يهدف النظام الجديد إلى الحد من المجّانية غير المبررة لعمل المحامي، مما أثّر سلباً على وضعه المادي والمعنوي، كما على مستوى مهنة المحاماة وسمعتها ورفعتها، كما يهدف إلى تجنب الخلافات والإشكالات التي قد تنشأ بين المحامي والموكل بسبب عدم الاتفاق الخطي على مقدار الأتعاب وطريقة أدائها، والحرج لدى المحامي من اشتراط الاتفاق الخطي أو الشفوي على موكله أو على طلب دفعة مقدمة على حساب أتعابه نتيجة أواصر القربى والروابط الاجتماعية.
كذلك يسهم في تأمين موارد مالية إضافية للنقابة تمكنها من رفع مستوى التقديمات الصحية والاجتماعية للمحامين، ورفع المعاش التقاعدي لمن قدم عمره وعلمه، وتقديم المساعدات الاجتماعية، والحد من زيادة الرسم السنوي للمنتسبين الجدد.

حماية مهنة المحاماة؟

عضو مجلس النقابة السابق المحامي محمد المراد قال إن هذا النظام مستمد من بعض أنظمة نقابات المحامين في الدول العربية كالأردن والمغرب مع بعض التعديلات عليه، عازياً التأخير في تطبيقه إلى أمور تقنية متعلقة بالشركة التي تعمل على تنفيذ المشروع، وإلى خلافات في وجهات النظر بين أعضاء مجلس النقابة السابق برئاسة النقيب فادي غنطوس.
وأضاف أن نظام السلف الجديد يهدف إلى حماية مهنة المحاماة من خلال الحفاظ على مستوى معين لجهة موضوع الأتعاب وحماية شريحة كبيرة من المحامين المبتدئين، والتخفيف من العمل المجاني في مهنة المحاماة ومن التنافس السلبي.
وأشار إلى أن مخالفة المحامي المقيد على الجدول العام هذا النظام، ستؤدي إلى تعرضه لمسؤولية مسلكية ونقابية، مع الإشارة إلى أن هناك تعميماً صادراً عن النقابة إلى المحاكم بضرورة عدم قبول أية مراجعة أو دعوى ما لم تكن مستوفية سلفة بدل الأتعاب. ولم يعد بالإمكان للمحامي أو موكله التنصل من ذلك عبر دفع بدل تصديق الوكالة إلى صندوق النقابة فقط، لأن الإيصال يعطى موحداً لناحية السلفة وبدل الوكالة.
ونفى أن يؤدي النظام الجديد إلى التأثير سلباً على مستوى المهنة التي تعاني أصلاً أوضاعاً سيئة نتيجة الأوضاع الاقتصادية، قائلاً إن المحامي بات بإمكانه استرداد السلفة المدفوعة عبر مراجعة البنك المتعاقد مع النقابة.
من جهة أخرى، قال النقابي السابق المحامي بسام جنيد إن هذا النظام مخالف لحرية اللجوء إلى التقاضي ومجّانيته وسرية الأتعاب وخصوصية عمل المحامي، مشيراً إلى أن محاكم الشمال لن تأخذ به، وسيُتغاضى عنه لاحقاً لأنه غير عملاني، متسائلاً: ما هو موقف المحكمة إذا لم يستوفِ المحامي سلفة الأتعاب مقدماً: هل سترفض قبول الدعوى شكلاً؟ وكيف ستعلل قرارها بالرفض؟ وأضاف جنيد أن «النظام الجديد غير قانوني وبحاجة إلى تشريع من مجلس النواب». وقال إن بعض المحامين قد يحاولون التملص من هذا النظام من خلال عدم تسجيل وكالاتهم أو تصديقها في نقابة محامي بيروت التي تستوفي 35 ألف ليرة عن كل وكالة، بينما تستوفي نقابة طرابلس 100 ألف، مما يؤدي إلى خسارة النقابة إيرادات مالية قال النظام الجديد إنه يهدف إلى تعزيزها كما هو وارد في الكتيب الموزع من النقابة.