آمال خليلحول مقر مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب في كورنيش المزرعة دارت خلال أحداث أيار أعنف المعارك وتحولت المنطقة إلى خطوط تماس تنكر بعضها بعضاً. وبعد انتهاء الحرب الأهلية المصغرة وعودة سكان الحي إليه، عاد معهم ساكن جديد لا يبارح الأحياء والأزقة هو الطائفية والمذهبية التي أصبحت ضيفاً بارزاً في كل المناسبات، بعدما كانت المنطقة مثالاً للتعايش والانفتاح. وانطلاقاً من الخطر الذي بات يهدد المجتمع الأهلي الذي أصبح على شاكلة الكورنيش، بادر مركز الخيام ولمناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب إلى إطلاق حملة لمناهضة الطائفية التي رأى أنها مهمة وطنية وإنسانية تحت شعار «الطائفية تعذيب» لأنه وبحسب أمينه العام محمد صفا «عندما تلف سلاسل الطائفية أعناقنا جميعاً وتتحوّل منازلنا إلى سجون إجبارية وتصبح شوارعنا وقرانا ومدننا وبناياتنا خطوط تماس ومتاريس وغابات للقتل والخطف ويصبح المعذَّب والمعذِّب من أبناء الحي الواحد والبناية الواحدة وتتفلّت الغرائز المذهبية والقبلية بسبب عمليات الشحن الطائفي والمذهبي التي تضخّها الطبقة السياسية وتصريحاتها وخطبها. عندما يلاحقنا الرصاص الطائش وهو ليس بطائش إلى غرف نومنا وأسرّتنا، وعندما تُستبدل الأقلام بالعصيّ والسكاكين ألا يجدر بنا أن نصرخ ونقول: الطائفية تعذيب وحرب أهلية دائمة وتدمير للوطن وكره وعنف وعنصرية وأحقاد»، مضيفاً إنها «باتت الخطر الداهم الذي يهدد بقاء لبنان ووحدته الوطنية والاجتماعية فيما الجميع يستخدمون حقوق الطائفة دفاعاً عن مصالحهم لا عن طوائفهم». ورأى أن الطائفية «وليدة النظام السياسي الطائفي والسيطرة الأجنبية: أحزاب ومدارس وجامعات وإعلام وقانون انتخابي ومجلس نيابي طائفي. وما شهدناه ونشهده من ممارسات ليست وليدة الأحداث الأخيرة بل نتيجة طبيعية للنظام السياسي والتحريض الطائفي الذي تستخدمه الطبقة السياسية للحفاظ على مصالحها وامتيازاتها».
واقترح المركز لمواجهة الحوادث التي حصلت وضمان عدم تكرارها «تأليف لجنة قضائية للتحقيق في كل الانتهاكات التي ارتُكبت بحق المواطنين ومعاقبة مرتكبيها ولجنة من محامين وصحافيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان لرصد الخطب والتصريحات الطائفية والعنصرية سواء من جانب سياسيين أو رجال دين أو وسائل إعلامية والادّعاء عليهم أمام القضاء بتهمة إشعال الفتنة الطائفية، وإزالة كل الأعلام الحزبية وصور السياسيين من المناطق، وإنشاء قسم لحقوق الإنسان في وزارة التربية لتدريس مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية وتوحيد الأعياد والمناسبات الدينية عند المسيحيين والمسلمين ومنع تحويلها إلى مناسبات سياسية والإسراع في تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وإقرار قانون انتخابي ديموقراطي غير طائفي».
وعرض المركز خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في نقابة الصحافة لنشاطاته خلال حزيران لمناسبة اليوم العالمي لدعم ضحايا التعذيب في بيروت والشمال والجنوب، وحضره ممثلون عن الجمعيات الأهلية والحقوقية وعدد من أمهات المفقودين اللبنانيين في سوريا وإسرائيل اللواتي دعاهن المركز لاحقاً إلى حفل فطور على شرفهن تقديراً لمعاناتهن طوال عقود. كما تحدث في المؤتمر رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان نعمة جمعة، ومديرة المعهد العربي لحقوق الإنسان جمانة مرعي.